بقلم - حازم منير
ستظل العلاقات المصرية - السودانية مفتاحاً إقليمياً مهماً رغم كل العقبات أو المشكلات التى تواجهها أحياناً، ولعلّ هذا الفهم هو الدافع وراء الرغبة المستمرة من قيادات البلدين لتجاوز اللحظات المختلفة فى العلاقة بين البلدين.
ربما يعتبر البعض أن حديث العلاقات التاريخية بين الشعبين مجرد أحاديث إعلامية، ولكنها فى حقيقة الأمر واقع يعتريه بعض الإشكاليات أحياناً، لكنها سرعان ما تنفرج، حيث تتغلب معانى العمق التاريخى والفهم المشترك للمستقبل.
لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره عمر البشير، أمس، نموذج للحظات الوعى بطبيعة العلاقة بين البلدين ورفض الخضوع لأى ضغوطات، أو المساس بمصير البلدين فى مواجهة الأزمات الدولية والإقليمية التى نعيشها ونعانى جرّاءها الكثير.
الاتفاقات التى جرت، أمس، وتم الإعلان عنها بعد لقاء ثنائى لم يستغرق الكثير، تشير إلى إعداد مسبق للقاء الرئيسين، اتسم هذا الإعداد برؤية شاملة لتعزيز التعاون بين البلدين، وتكريس لغة العمل المشترك، وتحويلها إلى واقع عملى.
أعتقد أن الكثير من الاتفاقات التى أعلنها الرئيس «السيسى»، أمس، تجاوزت القضايا السياسية العامة إلى ملفات ذات صلة مباشرة بمصلحة شعبَى البلدين واحتياجاتهما فى الحركة والتنقل والتبادل التجارى والتعاون المشترك، وهى خطوة مهمة، لأنها تدفع فى اتجاه أكثر شمولاً مما كان.
رب ضارة نافعة.. هذا ما جرى فعلاً، فالمظاهر السلبية التى تابعها البعض خلال فترات سابقة كانت دافعاً لقيادات البلدين على مواجهتها والتمسك بالعلاقات التقليدية المشتركة، وهو ما يفسر الإجراءات التى تم اتباعها خلال الشهر الماضى، وتمت ترجمتها سريعاً فى إجراءات شعبية بالدرجة الأولى.
يبقى ملف النيل نموذجاً على التمسك برؤية استراتيجية مشتركة بين البلدين مع إدماج الطرف الثالث، وأعنى إثيوبيا، فى إطار الفهم المشترك لما يجب أن يكون عليه الاستخدام الأمثل لنهر النيل بين كل دول المنبع والمسار والمصب، باعتباره من شرايين الحياة للبعض والشريان الأساسى للبعض الآخر، مثل مصر التى تعيش تاريخياً على خيرات النهر الخالد.
ظنّى أن مسار العلاقات المصرية - السودانية لن يحيد أبداً عن مساره التاريخى، ولن تتأثر المشاعر الشعبية للبلدين رغم الكثير من المشكلات التى تثار أحياناً هنا أو هناك، والتحرك الأخير وزيارة أمس وتصريحات الرئيسين، تقول: إن هناك وعياً راقياً بالمصلحة الاستراتيجية وبخطورة المناخ المحيط بنا، وإنه لا خلافات جادة قادرة على التأثير على البلدين.
ما جرى نموذج ناجح فى كيفية تحويل المشكلات إلى مهام للتعاون.
نقلا عن الوطن القاهريه