بقلم - حازم منير
قبل أيام قليلة من انعقادها، وجدت القمة العربية نفسها أمام مأزق تاريخى -رغم أنه لم يعد يفرق- بسبب تعقُّد الأزمة السورية، وارتفاع التهديدات الغربية متسارعة الإجراءات بضرب سوريا عقاباً لها على مزاعم باستخدام الحكومة أسلحة كيماوية فى دوما والغوطة الشرقية.
هل ستتعامل القمة بحذر مع قصف سوريا تواؤماً مع توازنات إقليمية ودولية؟ أم ستعلن رفضها التدخل العسكرى الدولى دون إجراء عملى؟ أو ستبحث فى قاموس اللغة العربية عن صياغات مرنة مطاطة وما أكثرها، للتعامل مع الأزمة.
يبدو أن خروج الإرهابيين من دوما ومن الغوطة دون أسلحتهم سبّب إزعاجاً وقلقاً شديداً للغرب الداعم للإرهاب وتنظيماته فى بلاد الشام، الذى كان يعوّل عليه كثيراً فى المنطقة، خصوصاً أن هذا التطور أعاد صياغة التوازنات داخل سوريا لصالح الحكومة الشرعية.
الصمت العربى ليس بجديد فى مثل هذه الأزمات، فقد اعتدنا عليه منذ حقب وعهود طويلة، لكن التطورات هذه المرة ترتبط بصراع شرق أوسطى - شرق أوسطى، تسعى فيه أطراف إقليمية إما لاقتطاع أجزاء من الوطن السورى لصالحها، أو لخلق مراكز انطلاق من داخل سوريا يزيد من نفوذها الإقليمى والدولى، وهو ما يدفع للتساؤل عن تعامل المشرق العربى بالذات مع هذه التطورات.
الواقع يقول إن الشعارات لا مكان لها، فالإقليم العربى من المحيط للخليج يعانى إما انهيارات أو مخاطر انهيارات، وقدرة النظام العربى التقليدى لم تعُد بذات القوة التى تمكّنه من لعب دور صارم فى مواجهة ما يجرى.
فى هذه الأجواء لا يرتبط العدوان على سوريا بالصراعات الدولية الدائرة على النفوذ فى المنطقة العربية، وإنما أيضاً برغبة كل الأطراف فى تجربة ما تضمه ترسانتها من أسلحة، وهو ما بدا فى تصريح وزارة الدفاع الروسية بأنها ستسقط أى صاروخ يُطلق على دمشق، فجاء الرد سريعاً من الرئيس الأمريكى أنها صواريخ حديثة وذكية.
بغض النظر عن طبيعة العدوان على سوريا، وإذا ما كان يستهدف إسقاط حاكم سوريا أو إعادة تحقيق التوازن بينه وبين الإرهابيين بضربات محدودة ومدروسة بعد نجاحه فى الغوطة، فإن ما سيجرى فى بلاد الشام هى حرب كونية فى مدار إقليمى تعكس صراعات القوى العظمى غير القادرة على التواجه المباشر فى مصادمات مسلحة.
وبعيداً عن كل التحليلات والرؤى والأفكار، يتبقى السؤال الأهم: هل سيُعرض على مائدة القمة العربية سيناريوهات لتأثيرات العدوان المنتظر على الخريطة السياسية وعلى مستقبل المنطقة وعلى أهل القمة أنفسهم؟!
أغلب الظن أنها ليست أزمة سوريا وإنما أزمة القمة.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع