بقلم: حازم منير
لكل حدث حكاية، ولكل واقعة رواية، وقانون الجمعيات الأهلية، من الأحداث التى تروى، والوقائع التى تُحكى، لما بها من عبر ودروس مهمة لمن يرغب فى إقامة مجتمع متفاهم.
قبل أكثر من عام، هبّت منظمات المجتمع المدنى جميعها، من مختلف المشارب والتنوعات والاهتمامات، ضد قانون صدر بليل ينظم نشاطها، فأعادها إلى مجتمعات الظلام وعصور ولّت، لا يتمنى أحد عودتها.
كان وبحق قانوناً سيئ السمعة، لا يختلف كثيراً فى توجهاته عن ترسانة قوانين أصدرها الرئيس الراحل السادات فى النصف الثانى من السبعينات فرضت قيوداً على العمل العام، كان تشريعاً خلق حواجز بين المجتمع المدنى وبين الدولة، ودقّ بينهما إسفيناً.
غضب المجتمع المدنى من جهة، وتفهم الدولة المصرية من جهة ثانية لهذا الغضب ودوافعه الوطنية، أتاح التوافق والتفاهم على ضرورة إدارة حوار بين الطرفين، لإنتاج حالة جديدة تعيد الوئام بين عناصر أساسية فى المجتمع مع دولتها.
ماذا جرى؟ سؤال جوهرى، إجابته بسيطة، دعوة لحوار مجتمعى واسع، أدوات جادة وحقيقية لحوار منتج ومثمر، منهجية ديمقراطية استوعبت كل ألوان الطيف السياسى ومن العمل الأهلى، توافقات وتفاهمات أوحت بإمكانية النجاح.
حين ربط المعنيون بين نجاح الحوار المجتمعى، وبين المُنتج التشريعى المنتظر، راهن هؤلاء على الثقة فى الدولة وجدية الحوار المنشود ومصداقيته، وحين ظهرت النتائج فى تشريع جاء على التوافق فى نحو ٨٠ أو ٩٠٪ من بنوده، تأكدت مشاعر الثقة التى أولاها الناس للمولود المنتظر.
مناخ الحوار الذى ساد بين كل الأطراف، أظهر من جهة اهتمام الدولة بالاستماع الصادق للآخر، كما أظهر من الجهة الأخرى جدية المجتمع المدنى فى انتقاداته، ورغبته الصادقة فى حوار مُنتج، وقدمت التجربة نموذجاً يُحتذى فى الاعتراف بالآخر والتفاهم والتسامح وتحقيق القبول من خلال الرأى والرأى الآخر.