بقلم-حازم منير
قرار الحكومة تأسيس وقف خيرى للاستثمار فى العملية التعليمية، خطوة جيدة وتستحق الدعم والمساندة، خصوصاً أنها فكرة تفتح الباب لتضامن اجتماعى حقيقى ومشاركة واسعة من فئات المجتمع المختلفة، وتتيح موارد للدولة فى مواجهة الأزمات التى تعانى منها العملية التعليمية فى مصر.
لكن السؤال هو: لماذا سيخضع الوقف -كما تابعت فى مواقع عدة- لمسئولية بنك الاستثمار؟ ولماذا لا يتم تكوين مجلس إدارة له يديره بشكل مباشر بعد استيفاء الإجراءات القانونية والإدارية المطلوبة بالتأكيد لمثل هذه إدارة.
بعض الأصدقاء، فى حديثنا عن الموضوع، أبدوا سعادتهم بالأمر، لكنهم أيضاً أبدوا تخوفات من إخضاع الوقف لبنك الاستثمار، فى ظل مخاوف عديدة أثارها البعض منهم وجعلتهم يتشككون فى تحقيق الفكرة لأقصى درجات النجاح المطلوب وتحقق أهدافها بالدقة المنشودة.
بالفعل فإن إدارة خاصة، فى ظل إجراءات قانونية وإدارة صارمة، تتيح للوقف أن يلعب دوراً مباشراً فى تلبية الاحتياجات المطلوبة للعملية التعليمية، ويساعد الدولة فى توفير هذه المتطلبات، بدلاً من حديث الوزير المتكرر عن «الشحاتة الحكومية» للإنفاق على التعليم.
وفى تقديرى أن استقلال الصندوق عن التبعية المباشرة للحكومة سيتيح له تدفقاً نقدياً أكثر سهولة من كونه خاضعاً للحكومة ويأتمر بأوامرها، خصوصاً أن كل الدلائل تؤشر إلى اختيار المتبرعين لجهات أهلية مستقلة للمساهمة فى أنشطة متعددة ومختلفة.
يستطيع مجلس أمناء مُحترم لهذا الوقف، يتكون من متبرعين بارزين ومندوبين حكوميين وشخصيات عامة اختصاصية وممثلين لمجتمع مدنى، أن يجذب أموالاً ويضع خططاً لتنمية الموارد المالية ويقوم على التنسيق مع الجهات المعنية لتنفيذ خطط تدعم العملية التعليمية، خصوصاً بناء المدارس أو إضافة فصول للمدارس القائمة.
ليس معنى ذلك الإساءة إلى الجهات الرسمية أو التقليل من شأنها، إنما واقع الحال يؤكد أن إخضاع مثل هذه الأفكار لمسئولية غير حكومية، أو بمعنى أدق لإدارة شعبية، وفقاً لمفهوم قانونى وإدارى وتحت رقابة رسمية، يساعد عل دعمها ويسهم فى تقوية دورها وتحقيق أهدافه.
كثيراً ما نُبدع أفكاراً ممتازة متلألئة، وسرعان ما نطفئ بهجتها وضياءها بسيطرة بيروقراطية وإدارية تزيد من التعقيدات وتُقلل من فاعلية الفكرة، بل وتحاصرها، حتى تفقد تأثيرها، فنفقد أداة كان مقرراً لها أن تلعب دوراً مؤثراً ومحورياً.
توسيع دوائر المشاركة الشعبية فى مثل هذه الفكرة سيؤدى بالقطع إلى المزيد من توسيع دوائر التمويل لها، سواء من داخل البلاد أو من خارجها، وبدلاً من الإساءة للناس واتهامهم بالتكاسل عن دعم الحكومة «اللى بتشحت» سيكون التوجه الشعبى لإدارة الوقف وساماً من الحكومة على صدر الشعب الداعم لإنجاح العملية التعليمية وإخراجها من أزماتها.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع