بقلم : حازم منير
لم يحدث أن فرضت سياسات الإصلاح النقدى والمالى نفسها على وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وتليفزيون وإذاعة كما يحدث هذه الأيام مع اقتراب موعد تطبيق الحزمة الجديدة من سياسات التحرير الاقتصادى فى بداية يوليو المقبل.
وهناك عدة ملاحظات فى هذا الجانب، أولها أن غالبية المشاركين فى الحوار حول الحزمة الجديدة من السياسات نماذج من أبرز مؤيدى سياسات الحكومة فى هذا الصدد، سواء من الخبراء أو من الإعلاميين أنفسهم.
ثانية الملاحظات الاهتمام بمناقشة الجوانب السلبية فى سياسات الإصلاح وقدرة الناس على تحمُّل المزيد منها وكيفية التعامل مع الخطوات الجديدة وتداعياتها، وأيضاً قدرة الحكومة على الاستمرار فى سياسة الرعاية الاجتماعية التى تقدمها وإمكانية أن تستوعب هذه الإجراءات تداعيات المرحلة المقبلة وتوفر الحماية المطلوبة للفئات المُضارة.
ثالثة الملاحظات اتجاه البعض من المحللين إلى تركيز الحديث عن الطبقة الوسطى فى المجتمع وقدرتها على تحمُّل المزيد من الضغوط والخشية من زيادة أرقام هبوط قطاعات منها إلى حدود خط الفقر ودعوة الحكومة إلى تبنّى إجراءات إضافية لحماية هذه الفئات على وجه التحديد.
رابعة الملاحظات أن البعض من أهم وأبرز رموز مؤيدى الاتفاق مع صندوق النقد الدولى والداعمين له أمام الرأى العام يتحدثون الآن باهتمام بالغ عن ضرورة ضخ دماء جديدة فى شرايين الأجور المصرية لرفع الرواتب والدخول بما يتيح القدرة على مواجهة الارتفاعات المنتظرة فى كلفة الخدمات العامة.
خامسة هذه الملاحظات الحوارات الدائرة عن ارتفاع الدين المصرى الداخلى والخارجى إلى أرقام غير مسبوقة واستنزافه لمعدلات ضخمة من الموازنة العامة للدولة، ما يستوجب الحذر البالغ مستقبلاً من مخاطر هذا التوجه.
سادسة هذه الملاحظات هى دعوة البعض لبحث إمكانية تأجيل بعض جوانب هذه السياسات لمنح الناس فترة راحة و«التقاط النفَس» والبحث عن بدائل توفر المزيد من الحماية الاجتماعية.
الحوار الدائر يمكن اعتباره حواراً مجتمعياً تستطيع الحكومة من خلال متابعته -إذا رغبت فى ذلك- أن تمتلك رؤية أو تصوراً للمشهد العام وللآراء والأفكار الدائرة فى شأن سياسات المرحلة المقبلة والأساليب المطلوبة للتعامل مع الواقع المجتمعى.
المخاوف من المرحلة الجديدة للإصلاح لا تعنى أبداً توقعات بردود فعل أو خلافه، وإنما هى تخوفات إيجابية تهدف إلى توفير علاج يتيح استمرار مسيرة الإصلاح -رغم التحفظات العديدة عليها- برضا وقبول ورعاية وحماية شعبية.
أعلم أن الدولة المصرية متمسكة باستمرار سياسات الإصلاح النقدى والمالى، لكن هذا التوجه لا يمنع أبداً من البحث عن إجراءات موازية لإعادة التوازن إلى المجتمع.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع