لم يخلق الله أحداً دون أن يسلّحه بملكات تعينه على مواجهة مصاعب الحياة، وتمكنه من البقاء، وعلى كل واحد منا اكتشاف هذه الملكات والبناء عليها بدلاً من البكاء على اللبن المسكوب، أو الفرصة الضائعة أو الإمكانيات التى حُرم منها.
حتى الطفل أضعف المخلوقات سلّحه الله بسلاح البراءة والطفولة التى تجعل الجميع يهرع لمساعدته والعطف عليه وقضاء مصالحه، فقوة الطفل فى ضعفه وبراءته.
وكذلك المعوق مثل «الداون» كل من ينظر إليه يحبه ويقبل عليه، وكل الأسر التى فيها معوق «داون» تحبه حباً جماً، ويسارع الجميع لخدمته ويقولون إنه سبب غناها وعزها، ويعتبرونه البركة الجميلة فى دارهم، فقوة هذا المعوق فى براءته وطيب قلبه، وقس على ذلك كل المخلوقات.
وتأمل حيواناً صغيراً مثل القنفذ يعد صيداً سهلاً للجميع، ولكن الله سلّحه بأشواك عاتية تحول بينه وبين الأعداء، وهو لا يستخدمها فى الشر، ولكن فى الدفاع عن نفسه، ولو أن الدول القوية تعلمت من القنفذ فى استخدام إمكانياتها لحماية أراضيها وليس فى العدوان على الآخرين لكان خيراً لها.
كل إنسان مهما كانت أخطاؤه لديه خصلة أو أكثر من خصال الخير، وعلينا جميعاً أن نتأمل خصال الخير وننميها فيه ونعامله فى جوانب الخير ونعتزله فى جوانب الشر، بعداً عن المشاكل والشرور ورغبة فى التواصل مع جميع الناس، فمن كانت لدية ثلمة أو ثغرة فى شخصيته فى المال لا تتعامل معه فى المال، ومن كان لديه ضعف فى نقطة النساء لا نقربه من هذا المعترك الصعب، ونحذر النساء من الاقتراب منه، ومن كانت محنة نفسه ومرض قلبه فى السلطة نصحناه بالابتعاد عنها والزهد فيها، لأنه سيظلم فيها بعكس آخرين إذا تولوا المناصب أحسنوا وتواضعوا وخدموا الناس ورفعوا أوطانهم علياً، والاختبار الحقيقى للداعية يكون أمام هذه المزالق الثلاثة.
حملة الدين ورسالات السماء عليهم أن يحفظوا أنفسهم عن شبهات وشهوات النساء المحرمة صغيرها وكبيرها، وكل شبهات المال الحرام، أو الجاه الحرام الذى يأتى من الحرام أو يبذل فيه ومعه، فإذا تجرد من هذه الثلاثة سلم وإذا وقع فيها غرق وصد الناس عنه أو رفضوا دعوته ورسالته، فعليه أن يلوم نفسه قبل أن يلومهم ويوبخ نفسه قبل أن يوبخهم، وعليه أن يعيش مع قوله تعالى: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ»، وهذه الآية وأمثالها هى التى شيبت النبى، صلى الله عليه وسلم: «شيبتنى هود وأخواتها».
الدعوة حب ورفق، والسلطة قهر وقوة مع عدل، والذى يخلط بينهما يخطئ كثيراً، فما يصلح فى مجال الدعوة لا يصلح فى مجال السلطة، ولا يظن أحد أن عمر بن الخطاب كان يمارس السلطة والحكم بمفهوم الدعوة، بل كان حاكماً حازماً قوياً يهتز له الرجال، ولا يجرؤ أحد فى عهده على إثارة الفتنة ضده، وكان يستطيع تعيين من يشاء دون خوف من معارضة أحد، فقد عين معاوية بن أبى سفيان على الشام لما رآه الأصلح، وعزل خالد بن الوليد، سيف الله المسلول، فى أوج انتصاراته وفتوحاته، وعندما تحدث حديثاً فهم منه البعض فتنة فقالوا لـ«خالد»: أهى الفتنة يا أمير؟ قال: أما وابن الخطاب حى فلا.
معظم الحركة الإسلامية لا تعرف سوى الدعوة، وظلت طوال حياتها تعادى السلطة، ولا يمكن لمن يعادى السلطة طوال عمره أن يقفز فجأة ليكون فى قلبها وكيف ستتحول فجأة من عداوتها إلى الانتصار لها، وكيف تغير فكرها من منظومة الدعوة إلى منظومة السلطة، ومن قواعد الدعوة إلى قواعد السلطة، والخلاصة أن الدعوة لها أهلها وقوانينها والسلطة لها أهلها وقوانينها، القفز من إحداهما للأخرى قد يكسر الرقاب.
لا تقلق فإرادة الله فوق الجميع فقد أرادوا قتل يوسف فعاش مخلداً عبر التاريخ، وباعوه بثمن بخس ليكون عبداً فأصبح ملكاً.
البدايات التى لا ترضى الله، نهايتها لن ترضى الله ولا أصحابها، البدايات الصحيحة تدل على النهايات السعيدة.
إذا كان الشيطان يعين الفاسد على الحرام، فكيف لا يعين الله الصالح على الحلال والعفاف؟!
من إبداعات الشيخ الشعراوى قوله: «من أبكى الناس ظلماً أبكاه الله ذلاً وقهراً».
لا تبالغ فى الحب أو الاهتمام أو الشوق للآخرين، وكن وسطاً فى كل شىء، فخلف كل مبالغة فى الحب والاهتمام صفعات من الخذلان والهجر والغدر.
العلامة عبدالوهاب المسيرى من أوائل من تنبأ بانهيار الحضارة الغربية لأنها تتبنى وتدعم الشذوذ الجنسى، والأخطر من ذلك أنها تقننه وتشرعنه، سلام على روحه الصادقة.
حب الناس وإرادة الخير لهم يحتاج لمجاهدة عظيمة للنفس، لا يقدر عليها إلا أهل العزمات فى ترويض أنفسهم نحو الأتقى والأصلح والأنقى.