توقيت القاهرة المحلي 07:02:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرص بوريس جونسون في النجاة

  مصر اليوم -

فرص بوريس جونسون في النجاة

بقلم - عادل درويش

حكومة المحافظين بزعامة بوريس جونسون، تتمتع بأغلبية كبيرة في برلمان وستمنستر، تمكنها من شبه انفراد بالقرار، فأصوات الأحزاب البريطانية الأخرى والمستقلين مجتمعة لا تكفي لهزيمة المحافظين. ورغم ذلك، تخلت إدارة الحزب البرلمانية (مكتب «الويبس») عن تعديل صيغة قرار قدمته المعارضة، الخميس، لإحالة جونسون إلى لجنة برلمانية للتحقيق في اتهامه «بتعمد» تضليل البرلمان.
وحتى ساعتين قبل التصويت كنا في المنصة الصحافية نتوقع مناورات من الحكومة لعرقلة القرار. تقدم مسودات القرارات في مجلس العموم، في أيام مخصصة للحكومة، وأخرى للمعارضة، وثالثة للنواب منفردين، حسب موافقة رئيس البرلمان (صاحب حق الحديث «speaker» اسم المنصب دستورياً). مشروع قرار المعارضة العمالية بزعامة السير كيير ستارمر (ومشاركة بقية الأحزاب) كان استثنائياً، وأدرجه مكتب رئيس البرلمان، السير لينزي هويل للتصويت، تعبيراً عن تعمق شعور الغضب تجاه ما سمته الصحافة «بارتي غيت»، أو مخالفات إجراءات العزل أثناء وباء «كوفيد» في احتفالات ترفيهية في مكاتب الحكومة، داوننغ ستريت. وكان جونسون اعتذر للبرلمان مرات عديدة يوم الثلاثاء؛ لكن المعارضة أعدت قائمة من محاضر أربع جلسات سابقة أكد جونسون أثناءها للنواب أنه ومكتبه لم يخالفوا إجراءات العزل. لكن تحقيق بوليس العاصمة المستمر، أصدر غرامة مخالفات مالية لجونسون وزوجته وبعض موظفيه بشأن تجمع «ترفيهي» يوم 19 يونيو (حزيران) الماضي، لم تراعَ فيه الإجراءات الصحية من مسافات آمنة. المعارضة رأت في الغرامة تناقضاً مع جوهر تأكيدات جونسون أمام البرلمان، أياً كانت، «تضليلاً» للبرلمان، وفي معظم الحالات ينتهي الأمر باستقالة النائب أو الوزير.
عندما يطرح مشروع القرار على المجلس، يسأل رئيس الجلسة «الموافقين»، وهنا يصيح الموافقون (بالطبع من الجانب الذي طرح مشروع القرار في معظم الأحوال) «أيAye «أي «موافقون»؛ ثم يسأل الرئيس «ومن ضد القرار»، يصيح المعارضون «نو No (أي لا)»... إذا رأى رئيس الجلسة أن أصوات الصياح عددياً تبدو متساوية، يصيح الرئيس «انقسام – ديفيجان -». والتصويت ليس برفع الأيدي وإنما يستمر لثلث ساعة، حيث يمر الموافقون في ردهة «أي»، والرافضون في ردهة «لا».
مساء الخميس عندما طرح القرار تعالت صيحة «أي» من صفوف المعارضة، وسأل الرئيس «ومن ضد»؟ فخيم الصمت على مقاعد الحكومة، وانتهى الأمر، بلا تصويت، بإحالة رئيس الحكومة للتحقيق أمام لجنة برلمانية يترأسها نائب عمالي من أقوى خصوم جونسون.
السؤال لماذا لم تستغل الحكومة أغلبيتها الكبيرة لإدخال التعديل اللفظي (الذي توقعناه) على مشرع القرار، بغرض تأجيل عمل اللجنة حتى ينتهي تحقيقان آخران: الأول تجريه مفتشة مجلس الوزراء، والثاني بوليس العاصمة في المخالفات؟
السبب أن مكتب «الويبس» (الترجمة الحرفية «حملة الكرابيج») الذي يستخدم كافة وسائل الضغط لدفع النواب للانضباط والالتزام بقرارات الحزب، وجد حالة غضب من رئيس الوزراء تخيم على مزاج النواب، ومطالبة بعضهم (وزراء سابقين) من التيارات المختلفة، باستقالته.
فهل هناك بالفعل تيار متنامٍ يريد التخلص من جونسون زعيماً للمحافظين، وبالتالي رئيساً للوزراء، دفع إدارة الحزب إلى الانسحاب من الساحة، وترك المعارضة تنجح في إحالة زعيمهم إلى التحقيق البرلماني؟
ورغم اللطمة التي مني بها جونسون وأنصاره (الذين أخذ عددهم في التناقص) في تصويت الخميس، لا يزال الوقت مبكراً على إسدال الستار على فصل زعامته للحزب. تحقيق اللجنة البرلمانية سيطول، إذ ستنتظر نتائج تحقيق مفتشة مجلس الوزراء في «بارتي غيت» ـ وتحقيق بوليس العاصمة، وربما غرامات مخالفات جديدة لجونسون ومساعديه، تتحول إلى أدلة «لتعمد» جونسون تضليل البرلمان بإخفائه للمعلومات، أي «كذب» (اللوائح البرلمانية تحظر استخدام الصفة «كذاب» ضد نائب).
في برلمان وستمنستر يتغير رئيس الوزراء إما بتصويت سحب الثقة، فتستقيل الحكومة وتجري الانتخابات، وهو غير وارد لتمتع حكومة جونسون بالأغلبية؛ والخيار الآخر بتغيير داخلي يجريه نواب حزب الحكومة بطرح عدم الثقة وانتخاب زعيم آخر (كما حدث مع تريزا ماي في 2019 ومارغريت ثاتشر في 1990)، وإجراءات الخيار الأخير طويلة ومعقدة ولها حساباتها، وهي تتبع لوائح الحزب لا اللوائح البرلمانية.
نواب الحزب بدورهم لهم حساباتهم الفردية قبل اتخاذ الخطوة التي تبدأ بتقديم 15 في المائة (أي 54 نائباً) منهم خطابات سحب الثقة إلى لجنة 1922 (العام الذي بدأ فيه هذا التقليد).
أكثر ما يشغل النائب هو فقدان مقعده في الانتخابات المقبلة، خصوصاً النائب الذي ينتخب لأول مرة، لأنها مثل فقدان المهنة بالفصل من أول وظيفة يشغلها المتخرج حديثاً. حوالي ربع عدد نواب المحافظين ينطبق عليهم الوصف وأكثر من خمسين منهم يمثلون دوائر كانت تقليدياً مع العمال، وإذا ما اتضح أن جونسون، الذي كان يملك رصيداً انتخابياً كبيراً في الانتخابات الأخيرة، أصبح عبئاً، أي سبباً في نفور الناخب من المحافظين، سيبعث النواب بخطابات سحب الثقة إلى السير غريهام برايدي (رئيس لجنة 1922).
بعد تقدم مرشحين للزعامة يتم التصويت على مراحل لاستبعاد الأقل نصيباً في الأصوات حتى المرحلة النهائية، وإذا كان الزعيم الحالي (أي جونسون) هو الفائز في النهاية، تحظر لوائح الحزب تحديه حتى مرور عام كامل ينتهي أشهراً قليلة قبل انتخابات 2024 البرلمانية مما يخيف المحافظين، خصوصاً مع عدم وجود شخصية جديدة بكاريزما جونسون وشعبيته. أهم اسم ذكر كزعيم بديل كان وزير المالية، ريشي سوناك، الذي ارتفعت شعبيته بحمايته الوظائف من تأثير وباء «كوفيد»، لكن هبطت أسهمه سياسياً بتهمة استغلال زوجته، ابنة الملياردير الهندي السير نيرايانا ميرتهي، القوانين المالية لتخفيض الضرائب على ثروتها.
معظم نواب المحافظين ينتظرون نتائج انتخابات الشهر المقبل (أربعة آلاف مقعد في 146 مجلساً بلدياً وعشرة آلاف ممثل في ألف بلدية في إنجلترا، و52 بلدية في ويلز واسكوتلندا) ليروا ما إذا كانت التغطية (السلبية في معظمها) لجونسون والمحافظين في الصحافة، خصوصاً التلفزيونية، ستتسبب في خسائر انتخابية في صناديق الاقتراع. تقليدياً الحزب الحاكم لفترة ثانية يخسر مقاعد كثيرة في الانتخابات المحلية في بريطانيا. المحافظون في سدة الحكم لاثني عشر عاماً، نتائج الانتخابات قد تكون طوق نجاة لجونسون، أو بداية العد التنازلي لنهاية زعامته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرص بوريس جونسون في النجاة فرص بوريس جونسون في النجاة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon