توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأمهات والذكاء الاصطناعي

  مصر اليوم -

الأمهات والذكاء الاصطناعي

بقلم - عادل درويش

البريطانية جستين روبرتس تحتل مركزاً متقدماً في قائمة المائة سيدة الأكثر تأثيراً في الحياة العامة، ومع زميلة دراستها (من أكسفورد) كاري لونغيتون، تمتلكان غالبية مؤسسة «مامزنت» (شبكة الأمهات)، وتقدر قيمتها بـ8 ملايين و600 ألف جنيه. أطلقت موقعاً إلكترونياً في 2000م بشعار «من الأمهات والآباء إلى أنفسهم»، كساحة لقاء وتبادل نصائح بدأت بمشاركة بين الأمهات في مجالات كتدبير المنزل والصحة ورعاية الأطفال ومدارسهم ومشاكل المراهقين. الكل يطرح مشاكله واستفساراته، والمتخصصون أو أصحاب الحلول يتبادلون المعلومات. انهالت التبرعات والمنح من أقسام الحكومة، وحتى البلديات، وأيضاً من شركات منتجات الأسرة على «شبكة الأمهات»، بعد أن أشادت الحكومة العمالية السابقة برئاسة غوردون براون (2007-2010) بجهودها (2009)، وأنعمت الملكة إليزابيث الثانية عليها بلقب «ديم» (المقابل النسائي للقب «فارس» أو «سير»).

شاركت روبرتس قبل يومين في برنامج «اليوم» الصباحي في «بي بي سي»، وهو أهم برامج شؤون الساعة الإخبارية في المملكة المتحدة؛ إذ يحدد أهم نقاط الأجندة السياسية والاجتماعية التي تهم الرأي العام في البلاد. معظم ما يثيره البرنامج، يتحول إلى أسئلة يناقشها نواب مجلس العموم، وكتّاب الأعمدة في صفحات الرأي، ويتحول إلى قضايا الرأي العام.

شكوى روبرتس، وغالباً ستجد طريقها إلى ساحة القضاء، موجهة لمؤسسات عملاقة من وادي السليكون، لكنها قانونياً ومالياً متعددة الجنسية، توظف برامج الذكاء الاصطناعي مثل «غوغل» و«ميكروسوفت».

التوسع في الأعوام الأخيرة في استخدام برامج الذكاء الاصطناعي، خاصة التي تدير محركات البحث في المواقع المعرفية في شكل الأسئلة والأجوبة السريعة، أثار أسئلة ملحة ومطالب بضرورة تدخل قانوني في انتهاك حقوق التأليف والإبداع من جانب طرف ثالث. قبل تطور لوغاريتمات محركات البحث، كان من السهل، نسبياً، أن يعثر محامي دار النشر أو أسطوانات الموسيقى، على أدلة مادية تثبت سرقة بعض أو كل أجزاء عمل فني أو أدبي، ويقدمها للقضاء للحكم بتعويض المتضرر من انتهاك حقوق التأليف. فما العمل اليوم مع سرقة الأعمال والبحوث واللص برنامج أو جهاز إلكتروني وليس إنساناً عاقلاً له عنوان يمكن للمحكمة أن ترسل طلباً لاستدعائه؟

هذه باختصار المشكلة التي تواجه صاحبة «شبكة الأمهات»؛ فمحركات البحث التي تديرها برامج الذكاء الاصطناعي توفر للسائل أو الباحث معلومات حصلت عليها البرامج من مصادر مثل موقع السيدة روبرتس، بلا استئذان أو أي إشارة للمصدر للاحتفاظ بحقوق النشر والتأليف. شكاوى مماثلة من أفراد ومؤسسات في عالم النشر والموسيقى، والفنون، والصحافة، وخاصة أن الجيل الثاني من برامج الذكاء الاصطناعي تعيد برامج أخرى برمجته عبر شبكات سلسلة طويلة معقدة من إعادة البرمجة والمعادلات اللوغاريتمية بحيث لا تفيد القوانين الحالية بشأن حقوق النشر والتأليف وإعادة النشر في تحديد المسؤول الذي يمكن مقاضاته.

قضية «شبكة الأمهات» مع مؤسسات الإنترنت العملاقة بمثابة نقطة في نهر متدفق مقارنة بصحف ومؤسسات نشر عملاقة تتاجر بمليارات الجنيهات وتريد الحصول على حقوقها عند تدوير أو اقتباس المحركات لما تنشره ودفعت فيه حقوقاً للمؤلف أو الباحث الأصلي، فما أهمية قضية السيدة روبرتس ضد مؤسسات الذكاء الاصطناعي؟

محرك بحث مثل «غوغل» يتناول 40 ألف بحث في الثانية الواحدة (3 مليارات و500 مليون بحث في اليوم) أكثر من نصفها (57 في المائة) من تليفون ذكي؛ أي يصعب تحديد المكان جغرافياً والشخص المستفيد، قانونياً، من المعلومات. وبخلاف الاعتقاد بأن أولوية مواضيع البحث هي مجال العمل، خاصة الأبحاث الأكاديمية، فإن موضوع البحث الأول هو الطقس، وتليه الحاجات الفردية والأسرية على موقع «أمازون»، وأخبار مسابقات الرياضة (خاصة كرة القدم)، والإسكان (بحثاً عن بيوت للشراء أو التأجير)، ومتعلقات السكن وإصلاح المنازل، والديكور، والملابس، ومستحضرات التجميل، ووصفات الأطعمة والحلويات، ومعدات المدرسة. «شبكة الأمهات» تشمل كل هذه الأمور، إضافة إلى أفضل المدارس حسب المنطقة الجغرافية، وملابس الأطفال، وأيضاً شهادات التأمين... باختصار كل ما يتعلق بالأمور المعيشية والاستهلاكية وحاجات الأسرة.

القضية في حال نظرها غالباً ستستغرق وقتاً طويلاً، لكن النتيجة أو الحكم قد يشكل سابقة قانونية تكون حافزاً للحكومات وتجمعات إقليمية، كالاتحاد الأوروبي، للتوصل إلى اتفاق دولي فعال بشأن حقوق المؤلفين والمبدعين والنشر في عالم الغد الذي يتقلص فيه دور الإنسان أمام دور الآلة ولوغاريتمات الذكاء الاصطناعي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمهات والذكاء الاصطناعي الأمهات والذكاء الاصطناعي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon