توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير

  مصر اليوم -

حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير

بقلم - عادل درويش

يبدأ اليوم المؤتمر السنوي لحزب المحافظين البريطاني، الأقدم بين الأحزاب المحافظة في النظم الديمقراطية وأكثرها نجاحاً.

تأسس، بالاسم الحالي في 1834 بتطوير حزب التوري (من كلمة توراي وتعني بالآيرلندية المتمرد أو الخارج عن القانون) الذي ظهر في 1679 بوصفه معارضة لـ«ويغز» المؤيدين في البرلمان للملك تشارلز الثاني (1630 - 1685) في فترة «أزمة الإقصاء»، أي قوانين إقصاء أخيه جيمس (الثاني) دوق يورك (1633 - 1701) لأنه كاثوليكي. حزب المحافظين تولى الحكم منفرداً 26 مرة، ومرتين في حكومات ائتلاف، مقارنة بالعمال (في الحكم 9 مرات) والأحرار (8 مرات) عندما كان «الأحرار» الحزب الأكبر في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

زعيمه الحالي، رئيس الوزراء ريشي سوناك (مواليد 1980) أول زعيم من أبناء مهاجرين هنود وديانته الهندوسية، سيقدم للمؤتمر برنامج سياسات متطورة مثلما حدث في 1834، ببرنامج أول زعماء الحزب السير روبرت بيل (1788 - 1850) وهو صاحب تحديثات شاملة ثورية مقارنة بالحزبين الكبيرين وقتها، «الويغ» و«الأحرار».

وبعكس ما تروجه المؤسسة الصحافية اليسارية، بأن المحافظين حزب جامد وعنصري، فإنه أكثر تطوراً من الأحزاب التي تصورها هذه المؤسسات بوصفها تقدمية ليبرالية تدعو للمساواة؛ فهو الحزب الوحيد الذي تزعمته سيدة 3 مرات؛ فما بين 1975 و 1990 تزعمته الليدي ثاتشر (1925 - 2013) وتريزا ماي (2016 - 2019)، وإليزابيث تراس في العام الماضي. ولم يحدث في تاريخ الأحزاب الأخرى وجود مثل هذا الحشد من الوزراء غير البيض من أبناء المهاجرين ومن النساء مثل حكومة المحافظين الحالية في وزارات: الخارجية، والداخلية، والتجارة والصناعة، والطاقة، والمعارف، والمجلس الملكي وزعامة البرلمان، والعلوم والتكنولوجيا، والزراعة والأغذية، والثقافة والفنون والرياضة، ومكتب محامي الحكومة.

سوناك، مثلما ذكرنا الأسبوع الماضي يقدم سياسات محددة معاكسة لبرامج حزب العمال الذي بدأ تقدمه في استطلاعات الرأي يتراجع. سوناك بشجاعة تحدى الأطراف المنتفعة من موجة الهوس بالبيئة والمشاريع الخضراء التي تمول من ضرائب ورسوم على الفواتير والسيارات ترهق الطبقات الفقيرة. وفي سياسة معاكسة تماماً لبرامج الأحزاب الأخرى (مثل الديمقراطيين الأحرار والخضر) التي تريد إنهاء استخراج البترول والغاز من بحر الشمال، منحت حكومة سوناك ترخيص بداية التنقيب في حقل روزبانك لشركة إيكينور (مسجلة في النرويج) باستثمار يفوق 10 بلايين دولار يستثمر أكثر من ثلاثة أرباعها في مشاريع داخل بريطانيا مباشرة، كما تخلق أكثر من 2000 وظيفة.

الخبر كان سيعلن مع بدء أعمال مؤتمر المحافظين اليوم، لكن تسربه للصحافة اضطر سوناك للإعلان عنه. لكن الحملة الشرسة التي تشنها صحافة وشبكات اليسار على سوناك بتهمة التراجع عن التزامات البيئة، في تغطية منحازة، ستكسب سوناك موجة تعاطف أكبر بين أغلبية لا تثق بهذه الصحف والشبكات. فمثلاً هي لم تذكر حقائق وأرقاماً مهمة وهي أن بريطانيا لا تزال تعتمد اليوم على البترول والغاز في توفير 75 بالمائة من احتياجات الطاقة، وهذا معظمه مستورد، والغاز من بحر الشمال يقلل الاعتماد على الاستيراد. وحتى في عام 2035 تقدر الإحصاءات أن نصف احتياجات الطاقة سيظل مصدره المحروقات الكربونية، أما في عام 2050 عندما تصل المعادلة صفراً في البيئة (وذلك بتعويض المحروقات بزراعة أشجار وتمويل مشاريع خضراء في البلدان النامية، بجانب تخزين ثاني أكسيد الكربون) ستحتاج البلاد إلى الغاز والبترول لإدارة 25 بالمائة من الطاقة. فالدفاع والطيران، وعدد من المشاريع الصناعية والأبحاث العلمية لا يوجد لها بديل عن استخدام المحروقات.

الخطوة الأخرى التي سيعلنها المحافظون ستكون لصالح الغالبية العظمى من مستخدمي السيارات، بعد أن انتشرت ظاهرتا فرض رسوم المرور بحجة الهواء النظيف، والأخرى تخفيض السرعة في الطرق من 30 كيلومتراً إلى 20 كيلومتراً في الساعة. تطبيق تخفيض السرعة بمراقبة الطرق بالكاميرات، وعمل برمجة للتعرف على أرقام السيارات والشاحنات وإصدار المخالفات لهم، ما يجعلها مصدر دخل من سائقي السيارات لخزائن البلديات والمجالس المحلية، ما دفع الكثير من المجالس إلى التوسع في سياسة إجبار تخفيض السرعة، بل إن الحكومة الذاتية في إمارة ويلز عممت السياسة في أنحاء الإمارة كافة، لكن هذه السياسات أدت لاختناقات المرور مسببة زيادة تلوث الهواء، وأيضاً تلحق خسائر بالتجارة والنقل، وتعديل شركات النقل لخطوط سير باصات الركاب لتجنب اختناقات المرور.

أكثر من ثلاثة أرباع البريطانيين يعتمدون على السيارات والشاحنات الصغيرة، وهناك أكثر من 35 مليون سيارة على الطرقات، سوناك يحاول استمالتهم إلى جانبه، إذ ينوي تقليل صلاحيات البلديات والحكومات المحلية في تخفيض السرعة على الطرقات إلى ما دون 30 كيلومتراً في الساعة، إلا في حالات ضرورات جغرافية تتطلب سرعة بطيئة كمناطق مدارس الأطفال، أو المستشفيات.

معظم مستخدمي السيارات والشاحنات الصغيرة من الطبقات المتوسطة والأقل حظاً في المجتمع، ويعيشون في مناطق بلا شبكة مواصلات كبيرة، معظمهم مستاؤون من السياسات البيئية، ومن تجاهل مؤسسات الصحافة لهم. استطلاعات الرأي بعد انتهاء مؤتمر المحافظين ستكون مؤشراً على مدى اقتناع الناخبين ببرنامج سوناك لإعادة التوازن الاقتصادي الذي أخلت به إجراءات الهوس بالبيئة، لصالح الطبقات الأقل حظاً في المجتمع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon