توقيت القاهرة المحلي 15:15:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القطاع الخاص وحرية التعبير

  مصر اليوم -

القطاع الخاص وحرية التعبير

بقلم - عادل درويش

ما الأفضل لحرية الصحافة والتعبير والمعلومات؟
أهو ترتيبات السوق المفتوحة في الديمقراطية التعددية وحرية الملكية؟ أم الملكية العامة لوسائل النشر والبث والمعلومات؟
المحافظون الكلاسيكيون من مدرسة السوق الليبرالية المفتوحة، والديمقراطيون التقليديون، يفضلون استقلالية المؤسسات الصحافية، ووسائل بث المعلومات، عن سيطرة الدولة وبيروقراطية القطاع العام، مفضلين لوائح تنظيمية لحماية الرأي العام من احتكار أوليجاركية صغيرة أو كارتل تجاري لشبكات التعبير والنشر.
وبعكس المتوقع، اليسار والليبراليون الجدد (ما بعد التحديثية)، والاشتراكيون، يدعون للسيطرة على وسائل توجيه الرأي العام (بشرط أن تعزف من نوتتهم الموسيقية).
احتدم الجدل بين التيارين بعد إعلان الحكومة البريطانية مشروع بيع القناة الرابعة، أربعون عاماً بعد إطلاقها الذي أثار الالتباس في الأذهان في 1982. فلبث بدأ يوماً بعد انطلاق قناة باسم «الرابعة س» لأهل إمارة ويلز بلغتهم الولشية الخاصة (تكتب بالحروف اللاتينية نفسها كالإنجليزية لكنها لغة مختلفة)، ورغم أن جزءاً معتبراً من تمويل القناة الرابعة من الإعلانات، فإنها تعتمد على دعم دافع الضرائب من الخزانة، وقانونياً مملوكة لوزارة الثقافة والصحافة والبث الرقمي والرياضة منذ تأسيس الوزارة في 1990. قبلها كانت مدعومة من مصلحة البث والإذاعة المستقلة، الجهة الرسمية التي تأسست في 1972 لتنظيم عمل ومنح التصاريح لهيئات ومؤسسات البث والإذاعة المستقلين.
وزيرة الثقافة والبث الرقمي والصحافة والرياضة، نادين دوريس، منذ تولت منصبها في سبتمبر (أيلول) الماضي، تريد أن تطور خدمات البث، لتتيح للمشاهد حرية الاختيار، وتخفف الأعباء عن الخزانة. فالمشاهد يدفع إجبارياً ما قيمته 210 دولارات رخصة التلفزيون للـ«بي بي سي» (التي لها نصيب الأسد بـ31 في المائة من المشاهدين في المملكة المتحدة).
فالـ«بي بي سي» شبه تحتكر الرأي العام بعشر قنوات تلفزيون ومثيلتها إذاعية على المستوى القومي من لندن، بجانب «بي بي سي» في أسكوتلندا، وويلز وآيرلندا الشمالية، و40 محطة راديو في الأقاليم.
القناة الرابعة، نصيبها 10 في المائة من المشاهدين، مما يعني أن 41 في المائة من مشاهدي التلفزيون ممولون كقطاع عام، من ضرائب أو رسوم الشعب.
أول مشاريع الوزيرة دوريس للتطوير طرح القناة الرابعة للبيع لرفع تمويلها عن كاهل دافع الضرائب، ولمزيد من الاستقلالية.
اليسار والمعارضة (وبعض نواب الحكومة، من المعارضين لبريكسيت) يتهمون الوزيرة نوريس باتخاذ إجراء انتقامي ضد القناة الرابعة لتغطيتها المنحازة للاتحاد الأوروبي ومناهضتها لـ«بريكسيت»، واتجاهها اليساري.
المفارقة أن القناة الرابعة، مثل الـ«بي بي سي»، ادعت أنها محايدة وأنها متوازنة في التغطية أثناء حملة الاستفتاء على «بريكسيت»، واليوم تلوح بتهمة «السياسة الانتقامية» كاعتراف ضمني بعدم الحياد. الـ«بي بي سي» بالطبع تلتحق بجوقة المنتقدين التي تقودها الصحافة اليسارية. الجانب «الثاتشري» في حكومة المحافظين، الذي يريد مشاركة أكبر للقطاع الخاص وجذب الاستثمارات لتمويل خدمات ومشاريع يمكن رفعها عن كاهل دافع الضرائب، يطرحون وجهة نظر أخرى.
فعندما انطلقت القناة الرابعة منذ أربعة عقود لم يكن هناك سوى ثلاث خدمات تلفزيونية (قناتا «بي بي سي» الأولى والثانية، والمستقلة «آي تي في»)، ولذا سميت القناة الرابعة.
وبعد انطلاقها بقليل بدأت خدمات سكاي، والكابل، والقناة الخامسة التجارية. ولذلك يجادل «الثاتشريون» بأنه لا حاجة لدعم الدولة اليوم، فمئات الخدمات متاحة بإريال التلفزيون، أو الكابل أو الأقمار الصناعية والإنترنت؛ ومعظمها يستقبل مجانياً، مثل «جي بي نيوز» (انطلقت في العام الماضي ومشاهدوها ما بين مليونين وثلاثة)، و«بلومبرغ» تقدم خدمات مالية واقتصادية، أو باشتراكات بضعة بنسات كالصحف القومية والمحلية، التي تبث خدمة تلفزيونية علي الإنترنت. أو باشتراكات معقولة كـ«أمازون» (12 مليون و700 ألف بريطاني مشترك بنصف قيمة رخصة «بي بي سي»)، و«نتفليكس» (مشتركوها 17 مليوناً ولا تزال ما بين نصف و70 في المائة من رخصة «بي بي سي»)، و«ياهو» و«تلفزيون أبل» (اثنان في المائة من سوق التلفزيون).
السؤال، من سيشتري القناة الرابعة؟
«آي تي في»، أو التلفزيون المستقل أكبر شبكة بث إذاعي وتلفزيوني تجارية في بريطانيا وتمتلك 13 من 15 منصة بث إقليمية في أنحاء المملكة المتحدة. «آي تي في» انطلقت في 1955 بصفتها خدمة تجارية تمول من الإعلانات، وكانت أصلاً أربع شركات مستقلة بخدمات تلفزيون مستقلة، أي أن لها تاريخاً في الاندماج بين الشركات حالياً ومنذ التوسع في الديجيتال (الخدمة الرقمية) تبث «آي تي في» على المستوى القومي عبر أربع قنوات مختلفة. وتستحوذ على 23.4 في المائة من المشاهدين البريطانيين.
«بارمونت» العالمية (فياكوم سابقاً)، الشركة الأميركية للمنوعات، تحظى بالاحترام هنا، فقد أنقذت القناة الخامسة التي أطلقت في 1997 (9.6 في المائة من المشاهدين) من الإفلاس بشرائها بـ759 مليون دولار في 2014 عبر شركتها الفرعية، «بارمونت المملكة المتحدة وأستراليا»، من ريتشارد ديزموند صاحب الصحف والمجلات كـ«الإكسبريس» و«الديلي ستار»، وكان اشتراها من شركة «آر تي إل» (مقرها لوكسمبورغ ولها 68 قناة تلفزيون و31 خدمة راديو في أنحاء أوروبا).
شراء القناة الرابعة سيضمن لـ«بارامونت» 20 في المائة من المشاهدين. هناك مرشحون آخرون كـ«ديسكفري» الأميركية المتخصصة في الوثائقيات الجادة منذ انطلاقها في 1985. لكنها أصبحت أكبر خدمة باشتراك مدفوع في أميركا لإذاعاتها قنوات الطقس، وأخبار المزارعين، وحركة تجارة لكل ولاية، و75 في المائة من البرامج التي تبثها لم يذع من قبل في أميركا. وهناك بالطبع «سكاي»، التي أطلقها في 1989. المليونير الأسترالي الأميركي روبرت ميردوخ - وبدأ ثورة تطوير الصحافة البريطانية في الثمانينات. وكان حاول شراء القناة الرابعة في 2014. ولا شك أنه يدرس سوقها بعناية، فبعد بيع «سكاي» في 2018 عاد اليوم لبريطانيا بقناة «توك تي في» (الأحاديث) وتنطلق يوم 25 من الشهر الحالي.
خصخصة القناة الرابعة، قد توفر بليوني دولار للخزانة، لكن من المشكوك فيه أن تدعم حرية التعبير وتنوعه؛ فهناك شبه غياب تام للحيادية والتنوع في كل الوسائل الصحافية في تغطيتها لقضايا كالحرب الروسية الأوكرانية، والبيئة مثلاً؛ فسيطرة مزاج هستيري على الرأي العام، يضطر التلفزيون التجاري لتلبية نزواته، حتى لا تهرب الإعلانات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطاع الخاص وحرية التعبير القطاع الخاص وحرية التعبير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon