توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القابليّة للتّفوق

  مصر اليوم -

القابليّة للتّفوق

بقلم:د. آمال موسى

بعين الموضوعيةِ العقلانية فإنَّنا لا نستطيع أن ننكرَ أنَّ العالم العربي كان يمكن أن يكون أفضلَ بكثير مما هو عليه الآن. وصحيح أيضاً أنَّنا أهدرنا زمناً لا يستهان به وأضعنا فرصاً حقيقية لنكون أمةً متقدمةً بأتمّ معنى الكلمة.
ولا شك أيضاً أن مشكلات كثيرة وتحديّات عدّة كان بالإمكان عدم حصولها وعدم دفع تكلفتها الباهظة مادياً ونفسياً.
كل هذا صحيح. ولكن صحيح أيضاً أنَّ كلَّ ما سبق ذكره لم يقتلع من العالم العربي بذور التميز، ولم تغب في كل مراحله التاريخية رسالة تثلج صدور كل المجتمعات العربية وتجعلها تستعيد ثقتها بنفسها. وهي لحظات مهمة جداً نعرف فيها ما يساعدنا على الصمود بعدها.
إننا مجتمعات لها قابلية التفوق. وهذا في حدّ ذاته رأسمال ذهني ووجداني ونفسي مهم جداً يجعلنا قادرين على الحلم وصنع المستقبل بأكثر قوة وإرادة.
لا تنسَ أن هناك علماء عرباً اليوم تزخر بهم كبرى جامعات العالم. ولا تنسَ أن عربياً تحصل على جائزة نوبل للسلام وجائزة نوبل في الكيمياء. لا ننسى أن العرب يحصدون جوائز مرموقة في مسابقات الأدب والفكر والعلم... ولا ننسى أيضاً أنه حتى في الرياضة أظهر العرب تميزاً وآخرها بطولة كأس العالم.
مفكرون كثيرون تناولوا بالدرس الإنسان العربي ومنهم مالك بن نبي صاحب مقولة «القابلية للاستعمار»، وكان في تناوله معززاً بالمبررات والمنطق، ولكن في نفس الوقت فإن هناك سردية مقابلة ما لبثت تقارع هذه المقولات وتدحضها بالمبررات والمنطق والأمثلة أيضاً.
السؤال: كيف يمكن فهم أمّة هي قابلة للشيء ونقيضه؟
يبدو لنا المهم في كل هذا وفي سياق المقاربة الإيجابية للأشياء هي أن المجتمعات العربية قابلة للتفوق والتميز والتقدم، وأن تكون ضمن مقدمة الركب الحضاري. ويمكن الدفاع عن هذه القابلية بالأحداث والحجج الملموسة لا بالشعارات والأوهام. وهذا ما يجب البناء عليه والتركيز عليه لتعزيز الصمود والثقة بالذات العربية.
الجيد أيضاً أن التحديات التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة أجبرت الجميع على الانخراط في مسار اللحاق بالركب بشكل يجعل من عملية اللحاق ذاتها، وما تعرفه من جهد ونتائج هي المهمة في حد ذاتها بلفت النظر عما إذا كان اللحاق سيكون سنة 2030، حسب انتظارات الخطة الأممية للتنمية المستدامة أو بعد ذلك التاريخ. أي أن العبرة في شق الطريق نحو الركب، وأن الرحلة أهم من نقطة الوصول.
طبعاً ليس كل هذا والأمور ليست بسيطة كما نحب أن نبسطها. الإيجابي هو أن القابلية للتفوق والنجاح والتفرد قائمة الذات، ولكن المقلق هو أن هذه القابلية تظهر وتغيب ولم يتم تغليبها بشكل يجعلها هي القاعدة في طريقة وجودنا في العالم اليوم. ومن هذا المنطلق الذي تبرز فيه حالة التردد الواضحة بين حالتين هما القابلية للتفوق والقابلية للتراجع ولإهدار المكاسب تحتم علينا الاشتغال على حالة التشظي بين القابليتين، ووضع كل الاستراتيجيات والخطط الكفيلة بتغليب القابلية للتفوق والنّجاح والتقدم.
هنا التحدي الكبير الذي من المهم الانتباه إليه وتسميته وتوصيفه بشكل جيد، هو الذي سيحسم التردد بين القابلية للتفوق والنجاح والقابلية للفشل.
نعتقد أن كل ما يخلق الثقة بالذات العربية وقدرتها على التميز والعطاء من المهم تثمينه وإيلاؤه القيمة التي يستحقها. فلا خير يرجى من خطاب الإحباط وجلد الذات والتقزيم. وها هي الأحداث نفسها تطيح بمثل هذا الخطاب.
إنَّ طريق الرهان على التعليم ومواصلة مقاومة الأمية والفقر وبناء إنسان أكثر حرية وأكثر استقلالية وأكثر كرامة ستجعلنا نحرز خطوات معمقة وحقيقية تجعل من الكفة تميل نحو مجتمعات عربية ذات قابلية للتفوق والنجاح.
ولعل كل تعزيز لفكرة القابلية للتفوق من المهم المضي فيه لما لذلك من مردود رمزي هائل يقطع مع مقولات رغم ما تتضمنه من موضوعية، إلا أنّها لا تُعين أمة باحثة عمّا يُعزز صمودها في لحظات عالمية صعبة وذات إكراهات ليست هينة بالمرّة على الجميع بما في ذلك البلدان القويّة الغنيّة.
في الحقيقة الآخر، أي العالم الأوروبي والغربي عموماً، يعلم جيداً أن العرب لديهم قابلية تاريخية للتفوق، ولقد أدركوا ذلك جيداً من الكفاءات العربية التي تعج بها بلدانهم كالأطباء والأساتذة والمهندسين والعلماء في الاختصاصات الدقيقة الصعبة الذين استوعبتهم مخابر بحوثهم عالية التجهيزات... هم يدركون كم نحن قادرون على التفوق وقد حان اليوم الوقت أن تؤمن الأمة العربية بنفسها أكثر، وأن تطوي صفحات القابلية للاستعمار والقابلية للتقهقر، وتواصل الكتابة بغزارة في صفحات: القابلية للتفوق. وكل ما يغني الثقة البناءة بالنفس والقدرات هو الجدير بالاعتماد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القابليّة للتّفوق القابليّة للتّفوق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon