توقيت القاهرة المحلي 11:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها

  مصر اليوم -

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها

بقلم:د. آمال موسى

لا أظنُّ أن قدرنا الدوران في الحلقة المفرغة لعقود طويلة دون أن ندرك أنه لا بد من تحديد المنطلقات من جديد. نحن الآن في لحظة من الصراع في الشرق الأوسط مكشوفة إلى حد ما. لحظة يمكن قرأتها بيسر لأنها أسفرت عن نتائج وصارت من الواقع.

لن ندخل في تعقيدات الآيديولوجيات والغنائم ودورها في تشكيل بوصلة الصراع وتحويل مسارات أشرعة السفينة. فالدخول إلى هذا المجال معقد جداً وجربناه طويلاً ورأينا كيف أنه لا يمكننا إلا الدوران في الحلقة المفرغة، حيث العامل الديني والمذهبي يفعل فعله في الصراع بشكل قوي وبالحدة نفسها، والشيء نفسه فيما يخص دور المصالح وأصحابها في تحويل وجهة الأشرعة عندما تتهدد هذه المصالح.

إذن، نحن في أشبه ما يكون بفوضى المصالح وفوضى المحركات التي تصيغ الحدث والواقع والموقف.

على امتداد العقود الماضية كانت عوامل العقيدة والمذهب والمصلحة تحدد عملية الدوران في الحلقة المفرغة. الظاهر أننا بلغنا نقطة لم يعد فيها للدوران في الحلقة المفرغة أي معنى؛ لأننا في لحظة انكشفت فيها أسرار عدة، وباتت أجزاء من حقائق الصراع العربي - الإسرائيلي والإيراني - الإسرائيلي مكشوفة كما لم تكن من قبل.

لذلك؛ فإن اللحظة ومخرجاتها من المهم أن تأخذنا إلى درس القوة وأسبابها. وهو درس ليس الأول من نوعه وما فتئ يتكرر، لكن لم نعمل به وآن الأوان لتعلم الدرس وتطبيقه.

إن فهم درس القوة وأسبابها من الأهمية بشكل يجعل نظرتنا وتصورنا للأشياء يتغيران وينصهران ضمن جوهر درس القوة. لن نستطيع الانتصار في أي معركة أو حرب إلا إذا امتلكنا القوة وأسبابها. لا يكفي أن نكون أصحاب حق دون امتلاك القوة. طبعاً القوي لا يؤخذ منه حقه. لكن استرجاع الحق يشترط امتلاك القوة. وكأن حدث استرجاع الحق هو في حد ذاته سببٌ للعمل والنضال من أجل امتلاك القوة. بل إن النضال من أجل استرجاع الحق مهما كان أرضاً أو مجداً أو شرفاً أو مالاً يستلزم نضالاً قبله لا يقل قيمة ولا صعوبة، وهو النضال من أجل التحول إلى أقوياء يُحسب لهم حسابٌ، وفي ضوء قوتهم ومدى امتلاك أسباب القوة تتشكل المصالح والمواقف.

من هذا المنطلق، فإن الحل الحقيقي هو في النضال من أجل أوطان عربية مستقرة وناجحة تنموياً ومنضوية ضمن تكتلات اقتصادية مغاربية وعربية ومنفتحة على العالم. أوطان تستثمر في شعوبها من خلال عقولهم وصحتهم. من المهم الرهان على التقوية عربياً - عربياً والاستثمار في المشترك وامتلاك شجاعة تجاوز الخلافات التي لا تزيد الأوطان العربية إلا ضعفاً وانشقاقاً وتشرذماً. وما سيجمعنا كثير جداً. امتلاك القوة يبدأ عندما نعرف مصلحتنا بصفتنا أوطاناً عربية قادرة على التكتل والتكامل اقتصادياً وضم الخبرات والذكاء المتعدد من أجل خير المجتمعات العربية.

نحن الآن في الجولة الأخيرة من معركة الوجود. لنذهب بعيداً في الشجاعة: شجاعة الإقبال على الديمقراطية ودوران النخب من أجل عجلة تنمية تدور وتدور بنسق تصاعدي. شجاعة تكاتف أجهزة دولنا مع القطاعات الخاصة والمجموعات المدنية لإيجاد حلول أكثر للفقر والبطالة والأمية ولأصحاب الاحتياجات الخاصة والمهمشين... نحتاج إلى أوطان يحلو فيها العيش اقتصادياً ويعمل فيها الجميع ويستطيع فيها كل مواطن أن يحفظ كرامته ولا يجوع ويحلم ويحقق حلمه. هكذا يتعزز الشعور بالانتماء. وهكذا تبنى الأوطان. هناك حق أيضاً من حقوق الإنسان تناساه الميثاق العالمي لحقوق الإنسان: إنه الحق في الانتماء إلى وطن قوي. ومجال القوة المقصود هو القوة الاقتصادية؛ لأن المجتمعات العربية والإسلامية تمتلك القوة الديموغرافية وقوة الثقافة والحضارة، لكن لم نتأقلم بعد وكما يجب على امتلاك القوة بالمعنى المادي، رغم أننا في حقب تاريخية من حضارتنا سبق وأن امتلكنا القوة وأسبابها.

لذلك؛ فإن الوثوق في فكرة أن الحل ليس فردياً والقوة المادية الاقتصادية ليست فردية من الأفكار الخلاقة والمهمة جداً لغرس ثقافة جديدة تركز على التكامل التنموي الاقتصادي والقفز على كل ما يمكن أن يفرّق؛ لأن في ذلك حرصاً على النجاة الحقيقية التي لا تكون إلا بامتلاك القوة وأسبابها. فالنضال من أجل امتلاك القوة وأسبابها لا غنى عنه كي يكون الانتصار حليفنا في استرجاع كل الحقوق، وبأقل الخسائر وبأقل ما يمكن من الأرواح والدماء، وربما لن تسقط قطرة دم عربية، باعتبار أن الأوطان القوية قليلاً ما يؤخذ حقها وما يسفك دم مواطنيها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon