توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها

  مصر اليوم -

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها

بقلم:د. آمال موسى

لا أظنُّ أن قدرنا الدوران في الحلقة المفرغة لعقود طويلة دون أن ندرك أنه لا بد من تحديد المنطلقات من جديد. نحن الآن في لحظة من الصراع في الشرق الأوسط مكشوفة إلى حد ما. لحظة يمكن قرأتها بيسر لأنها أسفرت عن نتائج وصارت من الواقع.

لن ندخل في تعقيدات الآيديولوجيات والغنائم ودورها في تشكيل بوصلة الصراع وتحويل مسارات أشرعة السفينة. فالدخول إلى هذا المجال معقد جداً وجربناه طويلاً ورأينا كيف أنه لا يمكننا إلا الدوران في الحلقة المفرغة، حيث العامل الديني والمذهبي يفعل فعله في الصراع بشكل قوي وبالحدة نفسها، والشيء نفسه فيما يخص دور المصالح وأصحابها في تحويل وجهة الأشرعة عندما تتهدد هذه المصالح.

إذن، نحن في أشبه ما يكون بفوضى المصالح وفوضى المحركات التي تصيغ الحدث والواقع والموقف.

على امتداد العقود الماضية كانت عوامل العقيدة والمذهب والمصلحة تحدد عملية الدوران في الحلقة المفرغة. الظاهر أننا بلغنا نقطة لم يعد فيها للدوران في الحلقة المفرغة أي معنى؛ لأننا في لحظة انكشفت فيها أسرار عدة، وباتت أجزاء من حقائق الصراع العربي - الإسرائيلي والإيراني - الإسرائيلي مكشوفة كما لم تكن من قبل.

لذلك؛ فإن اللحظة ومخرجاتها من المهم أن تأخذنا إلى درس القوة وأسبابها. وهو درس ليس الأول من نوعه وما فتئ يتكرر، لكن لم نعمل به وآن الأوان لتعلم الدرس وتطبيقه.

إن فهم درس القوة وأسبابها من الأهمية بشكل يجعل نظرتنا وتصورنا للأشياء يتغيران وينصهران ضمن جوهر درس القوة. لن نستطيع الانتصار في أي معركة أو حرب إلا إذا امتلكنا القوة وأسبابها. لا يكفي أن نكون أصحاب حق دون امتلاك القوة. طبعاً القوي لا يؤخذ منه حقه. لكن استرجاع الحق يشترط امتلاك القوة. وكأن حدث استرجاع الحق هو في حد ذاته سببٌ للعمل والنضال من أجل امتلاك القوة. بل إن النضال من أجل استرجاع الحق مهما كان أرضاً أو مجداً أو شرفاً أو مالاً يستلزم نضالاً قبله لا يقل قيمة ولا صعوبة، وهو النضال من أجل التحول إلى أقوياء يُحسب لهم حسابٌ، وفي ضوء قوتهم ومدى امتلاك أسباب القوة تتشكل المصالح والمواقف.

من هذا المنطلق، فإن الحل الحقيقي هو في النضال من أجل أوطان عربية مستقرة وناجحة تنموياً ومنضوية ضمن تكتلات اقتصادية مغاربية وعربية ومنفتحة على العالم. أوطان تستثمر في شعوبها من خلال عقولهم وصحتهم. من المهم الرهان على التقوية عربياً - عربياً والاستثمار في المشترك وامتلاك شجاعة تجاوز الخلافات التي لا تزيد الأوطان العربية إلا ضعفاً وانشقاقاً وتشرذماً. وما سيجمعنا كثير جداً. امتلاك القوة يبدأ عندما نعرف مصلحتنا بصفتنا أوطاناً عربية قادرة على التكتل والتكامل اقتصادياً وضم الخبرات والذكاء المتعدد من أجل خير المجتمعات العربية.

نحن الآن في الجولة الأخيرة من معركة الوجود. لنذهب بعيداً في الشجاعة: شجاعة الإقبال على الديمقراطية ودوران النخب من أجل عجلة تنمية تدور وتدور بنسق تصاعدي. شجاعة تكاتف أجهزة دولنا مع القطاعات الخاصة والمجموعات المدنية لإيجاد حلول أكثر للفقر والبطالة والأمية ولأصحاب الاحتياجات الخاصة والمهمشين... نحتاج إلى أوطان يحلو فيها العيش اقتصادياً ويعمل فيها الجميع ويستطيع فيها كل مواطن أن يحفظ كرامته ولا يجوع ويحلم ويحقق حلمه. هكذا يتعزز الشعور بالانتماء. وهكذا تبنى الأوطان. هناك حق أيضاً من حقوق الإنسان تناساه الميثاق العالمي لحقوق الإنسان: إنه الحق في الانتماء إلى وطن قوي. ومجال القوة المقصود هو القوة الاقتصادية؛ لأن المجتمعات العربية والإسلامية تمتلك القوة الديموغرافية وقوة الثقافة والحضارة، لكن لم نتأقلم بعد وكما يجب على امتلاك القوة بالمعنى المادي، رغم أننا في حقب تاريخية من حضارتنا سبق وأن امتلكنا القوة وأسبابها.

لذلك؛ فإن الوثوق في فكرة أن الحل ليس فردياً والقوة المادية الاقتصادية ليست فردية من الأفكار الخلاقة والمهمة جداً لغرس ثقافة جديدة تركز على التكامل التنموي الاقتصادي والقفز على كل ما يمكن أن يفرّق؛ لأن في ذلك حرصاً على النجاة الحقيقية التي لا تكون إلا بامتلاك القوة وأسبابها. فالنضال من أجل امتلاك القوة وأسبابها لا غنى عنه كي يكون الانتصار حليفنا في استرجاع كل الحقوق، وبأقل الخسائر وبأقل ما يمكن من الأرواح والدماء، وربما لن تسقط قطرة دم عربية، باعتبار أن الأوطان القوية قليلاً ما يؤخذ حقها وما يسفك دم مواطنيها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon