توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حول غولنة إسرائيل

  مصر اليوم -

حول غولنة إسرائيل

بقلم : د. آمال موسى

  إنّ الحديث عن مخاوف من إشعال منطقة الشرق الأوسط والزج بها في حروب مدمِّرة لا نعتقد أنّه حديث مبالَغ فيه أو يتلاعب بمعانٍ كبيرة مخيفة؛ فمنطقة الشرق الأوسط تمر بالفعل بمرحلة عصيبة جداً تتسارع فيها الأحداث على نحو يكشف أن الوضع يمكن أن ينفلت في أي لحظة.

طبعاً للمنطقة توتراتها المعروفة ولكن الجديد هو أن السياسة الأميركية تجاه إسرائيل هي التي حوّلت الخطاب حول المنطقة من خطاب التوترات إلى خطاب الاشتعال وسيناريو حرب جديدة.

تسعى الولايات المتحدة إلى تلبية طموحات إسرائيل التاريخية بحماسة غير مسبوقة وجرأة صادمة. فبعد أن أعلن الرئيس دونالد ترمب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وسط صدمة غالبية دول العالم ها هي إسرائيل تحاول تحقيق مكسب تاريخي إضافي من خلال تجنيد جهودها الدبلوماسية لنيل اعتراف ثانٍ، يتمثل في الاعتراف بسيادتها على هضبة الجولان المحتلة منذ حرب 1967 والتي أعلنت إسرائيل ضمّها لأراضيها سنة 1981 من دون أن تلقى اعترافاً دولياً بخطوتها هذه آنذاك.

تبدو شهية إسرائيل مفتوحة على مصراعيها في عهد الرئيس ترمب.

السؤال الآن: هل الولايات المتحدة تدرك تداعيات غولنة إسرائيل في المنطقة وجعلها تحصد ما لم تكن تتوقع الوصول إليه؟ ثم هل هذه الغولنة فعلاً تصب في جهود تحقيق السلام في المنطقة؟

إنّ الولايات المتحدة لم تكتفِ باعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وها هي توظّف الوضع في سوريا لمزيد من تحقيق طموحات إسرائيل. والمشكلة أنه لا اعتبار لما يمكن أن ينجرّ عن ذلك من إشعال للمنطقة ومن تنمية للتوترات والأحقاد.

بل إنّ حماسة الإدارة الأميركيّة مع إسرائيل قد تنقلب إلى ضد مصلحة إسرائيل أصلاً التي لن تنعم بالاستقرار، والأحقاد تتراكم ضدها. أيضاً نلحظ أن هذه السياسة تخدم الأصوات، التي تدعو إلى الإرهاب وأنْ لا حل في الرّهان على السلام دون قتال. فالقضية الفلسطينية الآن مختلطة الأوراق بعد الإرباك الذي حصل بسبب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، خصوصاً أن الوضع الفلسطيني الداخلي يعاني من مشكلات عدة. لذلك فإنه إذا صدق توقع القادة الإسرائيليين بأن ضغوطهم على الجانب الأميركي تسير في طريق إيجابية وخلال أشهر قليلة سيتم الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، فإن ذلك يعني أن الاشتعال لا مفر منه من منطلق ما تحمله هذه الاعترافات القوية المتتالية من استفزاز وظلم واعتداء على حقوق تاريخية.

لا شك في أننا أمام أقوى استثمار إسرائيلي لحالة الوهن العربية وللمشكلات الحاصلة منذ حرب الخليج الأولى وصولاً إلى ما سُمي الثورات العربية التي مع تراكم الأحداث ننتبه إلى أنها لم تكن صدفة أو ربما بدأت صدفة تاريخية ثم تم توظيفها من طرف الأذكياء الذين يستثمرون في الضعف العربي والانقسامات العربية.

وكما هو واضح على الأقل على المدى القصير، فإن البلدان العربيّة والإسلاميّة هي المتضررة من سياسة الاندفاع الأميركية لتلبية طموحات إسرائيل، لذلك فإن العقل يملي على بلداننا أن تنتبه النخب الحاكمة فيها إلى سيناريوهات الاشتعال المنتظرة التي ستزيد تعقيد الوضع وإهدار الإمكانات التي أضحت بدورها قليلة.

إنّ الرّهان على أوروبا مهمّ في المرحلة الراهنة ولا بدّ من تكثيف الجهود على نحو يتم فيه إنصاف الجانب الفلسطيني وحقه في القدس. كما أن منع الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان وفك الصلة بين اتخاذ هذه الخطوة وعلاقة ذلك بالملف النووي الإيراني من شأنه أن ينقذ منطقة الشرق الأوسط من الاحتمالات الصعبة على الجميع بما فيها إسرائيل ذاتها التي لم تفكر جيداً في أن أمنها تحدّده دول الجوار قبل الولايات المتحدة. نعتقد أن ما يحدث ليس شأناً شرق أوسطي فقط بل هو يهم العالم الذي ليس في صالحه بالمرة المزيد من تعقد أمر الإرهاب ونشوب حرب عالميّة جديدة.

ما يحصل الآن هي سياسة ممنهجة تهدف إلى رفع عدد اليائسين وحجم الاحتقان في مسائل حساسة جداً مثل القدس ورمزية القدس وعلاقتها بالهوية الدينية والثقافية. وكما نعلم فإن اليائس هو عبارة عن قنبلة موقوتة لأنه لا شيء لديه يخسره. الظاهر أن هناك حاجة مؤكدة اليوم إلى إنعاش دور وسطاء السلام والمفاوضات من أجل السلام: الوسطاء الذين ما فتئت تخذلهم سياسة إدارة الرئيس ترمب وتقوّي ضدهم محور الممانعة والرفض.
هل يعلم الرئيس الأميركي أنه حين يُهزم العقلاء والذين يؤمنون بالحوار والمفاوضات يُهزم السلام فكرةً وقيمةً ووضعاً؟

إن غولنة إسرائيل باب لن يؤدي إلا إلى إضعافها، لأنه لا معنى لأي شيء في بلد يكون محاصراً بقنابل بشرية موقوتة، الحياة والموت عندها سيان، بسبب الهيمنة والبطش.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول غولنة إسرائيل حول غولنة إسرائيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon