توقيت القاهرة المحلي 05:51:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

  مصر اليوم -

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

بقلم:د. آمال موسى

يتميّز الممثلون السوريون عن غيرهم من الممثلين في البلدان العربية، بامتلاكهم ثقافة واسعة، ووعياً خاصّاً بالكلمة والفكرة، وعمقاً يستمد روافده من الأدب والفكر، الأمر الذي أنتج دراما مميزة، تجمع بين قوة السيناريو والحوار والأداء؛ لذلك نلاحظ في حواراتهم التلفزيونية لباقة وحضوراً ذهنياً، وقدرة على توليد الفكرة واللغة.

بل إن ما يُحسب للدراما السورية تمتعها بالحد الأدنى من الحرية والرهان على الإنتاج الفني والتمكن، فليس سهلاً منافسة الدراما المصرية والتفوق عليها، بالتربع على عرش الدراما العربية، واحتلال، عن جدارة، مرتبة الصدارة لدى الجمهور العربي، الذي كان لا يعترف إلا بالفن المصري والدراما المصرية.

إلى أيام قليلة ماضية، كانت الصورة أشبه بما حاولت وصفه، ولكن ما حصل بعد سقوط نظام بشار الأسد، ودخول سوريا مرحلة جديدة من تاريخها، أن عدداً كبيراً من الفنانين من أصحاب الموهبة والبصمة دخلوا في حالة من المزايدات وتصفية الحسابات ضد زملائهم الفنانين بشكل أحدث صدمة، ورأينا فنانين تحكمت فيهم حسابات ضيقة لناس عاديين، وارتبكوا وبدأوا تقديم أوراق اعتمادهم للمرحلة الجديدة.

طبعاً لا للتعميم. المشكلة كما بدت لي أن ردود الأفعال كانت أقل من الصورة التي نحملها عن الفنانين السوريين، فهم يمتلكون بحكم ثقافتهم ودراستهم للفن، علاوة على مواهبهم الخارقة في الأداء واجتهادهم، الجدية في التعاطي مع فن التمثيل كآلية ثقافية للتنشئة على قيم الجمال والخير والإيجابية ومحاربة الفساد بأنواعه كلها... ومع ذلك حصل لدى الكثيرين منهم نوع من الارتباك، فانقسموا بين مزايد ومدافع عن نفسه، فوقعوا في فخاخ علاقة الفن بالسلطة: هذه العلاقة المعقدة.

بالنسبة إلى الفنانين الذين فرحوا بسقوط نظام الأسد، ونشروا فيديوهات لهم وهم يرقصون ويحتفلون، فهذا حقهم بصفتهم مواطنين بحسب رواياتهم أنهم اضطروا لمغادرة سوريا، إلى أوروبا، في السنوات العشر الأخيرة التي أصبحت فيها الحياة صعبة اقتصادياً.

ولكن بصفتهم فنانين، كنا ننتظر منهم ليس الاحتفال بمن ذهب مع التاريخ، بل التفكر في البديل وخلفياته وعلاقاته وبرامجه وملامحه.

ننتظر منهم هذا لأنهم فعلاً نخبة وليسوا مواطنين عاديين، والفنان المثقف هو مواطن وزيادة.

الأمر لم يتوقف عند رد الفعل العادي، بل إن كثيراً ممن خيّروا أو اضطروا لمغادرة سوريا، وعدم التورط في معاناة انقطاع الكهرباء، وتدهور العملة، وتراجع العمل، وصعوبات لقمة العيش... هؤلاء لم يدخروا جهداً في استعراض معاناة الغربة، والابتعاد عن الأهل، وقدّموا سرديات معاناتهم السياسية، وما فعل بهم نظام بشار الأسد. هنا نحن لا نشكك في حقيقة المشاعر والسرديات، ولكن بالنسبة إلى فنان مثقف، لا ينفع هذا الكلام بعد سقوط النظام. فالفنان الشجاع يتكلّم والنظام في عز سطوته، ويصمت خلاف ذلك. وضرورة التحلي بهذا السلوك هي فقط للمحافظة على هيبة الفنان الحقيقي؛ لأنه عندما يسقط نظام سياسي يصبح الكلام مجاناً، وفي متناول الجميع، بمن في ذلك الأخرس.

والمشكلة الأكبر أن هؤلاء كانوا يستعرضون قصص معاناتهم من أجل تصفية حساباتهم مع زملائهم الذين لم يغادروا سوريا، أو الذين التقاهم بشار الأسد في جلسة حول الدراما السورية. وطبعاً هذه السهام طاولت نجوماً، مثل سلاف فواخرجي، وتيم حسن، وباسم الخوري... وهنا لا بد من القول صراحة: ليس من الفن في شيء القدح في ممثلين كبار من هذه الطينة والجودة والقامة الفنية الفارهة، وليس من الفن في شيء الإساءة إلى مَن هم أكثر نجومية وموهبة ممن أساءوا إليهم؛ لأن هذا السلوك إنما يندرج ضمن الغيرة المقنعة بالخلافات السياسية.

أما بالنسبة إلى الممثلين المحسوبين على النظام، أو الذين لم ينتقدوا النظام، وركَّزوا فقط على فنهم، وحاولوا الابتعاد عن أي مصدر إزعاج فهم أحرار في مواقفهم أولاً، وثانياً العلاقة التعاقدية بين الجمهور والممثل تنص على أن يكون صاحب موهبة، وقادراً على الأداء الجيد، ولا تنص العلاقة التعاقدية على بطولة سياسية؛ لذلك فالارتباك الذي وقع فيه بعض النجوم، أمثال أيمن زيدان ومنى واصف وغيرهما غير مبرر، فهم ليسوا في محاكمة حتى يدافعوا عن أنفسهم، ولم يكن باسل خياط بحاجة إلى سرد معاناته، والحال أنه كان يتشنج من أبسط سؤال في مقابلة تلفزيونية يشتمُّ فيه رائحة السياسة.

أنتم ممثلون رائعون وكفى، ولو تعلمون كم ينقص الدفاع عن النفس -في غير موضعه- من قيمة الفنان لكنتم واصلتم في نهج الصمت.

إن هذه الحرب هي ضد نجوم من طرف مَن هم أقل نجومية. حرب مزايدات وتصفية حسابات، والخاسر فيها الدراما السورية إذا كان الهدف إزاحة النجوم الكبار، ليجلسوا في البيت كأنهم كانوا يحكمون في سوريا!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفنانون السوريون وفخ المزايدات الفنانون السوريون وفخ المزايدات



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon