توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يعني الاكتفاء بالتوسل لإسرائيل؟

  مصر اليوم -

ماذا يعني الاكتفاء بالتوسل لإسرائيل

بقلم:د. آمال موسى

هناك قرار صدر عن مجلس الأمن منذ أشهر، يقضي بضرورة إيقاف إسرائيل إطلاق النار والحرب الهمجية ضد غزة، ولكنها لم تهتم وواصلت اعتداءاتها بالوتيرة نفسها وأكثر، حيث أصبحنا اليوم أمام حرب إسرائيلية على غزة ولبنان.

ما يلفت الانتباه أكثر من إسرائيل هو رد فعل الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، إذ نلاحظ أنه بدلاً من استخدام خطاب يلزم ويدفع إسرائيل لتنفيذ قرار مجلس الأمن، نرى في المقابل أن خطاب التوسل هو المهيمن، من ذلك:

التوسل لإسرائيل للقيام بهدنة لتطعيم أطفال غزة، والتوسل إليها أيضاً لإيقاف الهجمات على لبنان وجنوبه لأن هناك كارثة إنسانية.

خطاب تهيمن عليه رغبة توسل خفيفة وشكلية؛ لأن الخطاب نفسه الموجه لإسرائيل لم يخل من عبارات، تفيد بأن دولاً كبرى عدة، ترى أن إسرائيل على حق. لذلك فهو توسل رغم ما يحمله من صدمة واستغراب شديدين فإنه بلا قيمة ولا معنى وأقرب ما يكون إلى ذر الرماد في العيون.

كيف نفهم خطاب التوسل عوضاً عن الإلزام والضغط؟

ما يساعد على فهم هذا التوسل هو البحث عن مصلحة الغرب فيما تقوم به إسرائيل. وهنا يمكن طرح السؤال التالي: هل لو لم تكن إيران موجودة لكانت إسرائيل ستلقى كل هذا الدعم وغض الطرف والتأييد المخفي؟ وتُرى لو كانت إيران دولة منضبطة وبعيدة عن الملف النووي وخارج هذا النوع من الطموح المخيف، فهل كانت إسرائيل ستكون المدللة لدى الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط؟

إن هذه الأسئلة تعني أن إسرائيل تقوم بحرب وكالة ضد إيران وأن قوتها من قوة موكليها الذين لن يسمحوا بإضعافها إلا إذا قرروا القيام بالحرب مع إيران وجهاً لوجه: أي الولايات المتحدة الأميركية وإيران.

وكما ستكون وتيرة التفاوض الدولي مع إيران سيكون نسق الحرب بينها وبين إسرائيل.

وكما هو واضح، فإن الحرب قائمة وكل دعوة إلى إيقاف النار لن تتجاوز في أفضل الحالات المطالبة بهدنة، وعادة ما تكون هدنة في الظاهر من أجل المدنيين من غزة ولبنان، ولكنها في الحقيقة سياسياً ستكون لصالح إسرائيل بأي شكل من الأشكال.

إذن؛ ما يحصل هو تفويض من الولايات المتحدة ومباركة من دول أوروبية كبرى، وهو استنتاج ليس جديداً وأصبح أكثر وضوحاً من ذي قبل. لذلك؛ فإن ما يهمنا أكثر حالياً ليس التفويض في حد ذاته أو استخدام خطاب التوسل أو وجود موافقة من الولايات المتحدة وتنسيق وغير ذلك، وخاصة أن توقيت الحرب انطلق منذ دخول السنة الأخيرة من ولاية بايدن في البيت الأبيض، حيث أصبح التفويض محدداً رئيسياً من محددات نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة... المشكل كما نراه حالياً هو في بنود عقد التفويض وصلاحياته.

لم يولِ تفويض الولايات المتحدة لإسرائيل الاهتمام بانحرافاتها الكبيرة والخطيرة. لم يضع التفويض أي شروط تهم المدنيين. كان التفويض خالياً من الخطوط الحمر بخصوص النساء والأطفال والمدنيين. ولعل الأرقام وصور المجازر في غزة وبلوغ القتلى أكثر من 42 ألفاً، ونزوح قرابة المليون مواطن لبناني وافتراشهم الشوارع بالآلاف في مشهد يكشف عن كارثة إنسانية ونحن على أبواب فصل الشتاء، خير تأكيد على غياب أي خط أحمر.

لذلك؛ فنحن أمام تفويض مطلق الصلاحيات وعلى الطريقة الإسرائيلية التي تعد الخسائر البشرية وزهق الأرواح عناوين انتصار وغلبة.

من هذا المنطلق فإنه بالنظر إلى عجز المنظمات الدولية والرأي العام وقوى الضغط السلمية عن إيقاف العدوان، فإن العمل لا بد من أن يتشبث بالدفاع عن حق المدنيين في الحياة، وفي ألا يكونوا ضحايا تفويض مطلق الصلاحيات في عالم يتشدق بالمساواة وحقوق الإنسان ويناضل من أجل الحقوق الفردية، والحال أن مواطناً من غزة أو آخر من لبنان مهدد في أي لحظة بانهيار بيته وافتراش الشارع هو وعائلته، هذا إذا ظل حياً يرزق.

إن ما يحصل من استخفاف بأرواح النّاس ومعاقبتهم بسبب انتمائهم أو لمناصرة سياسية أو لرفض الاحتلال أو حتى بسبب صمتهم، سيظلان وصمة عار على جبين الإنسانية.

لذلك؛ فإن كل هذه التجاوزات والانحرافات الخطيرة وقتل المدنيين وضرب عُرضَ الحائط بقرار لم يصدر إلا بعد عقود من القهر والاستفزاز لا يمكن أن يؤسس للسلام، الأمر الذي يجعل كل الإنسانية في خطر دائم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يعني الاكتفاء بالتوسل لإسرائيل ماذا يعني الاكتفاء بالتوسل لإسرائيل



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon