توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليوم الذي يدوم شهراً!

  مصر اليوم -

اليوم الذي يدوم شهراً

بقلم:د. آمال موسى

عندما يتعلق الأمر بالمرأة فإنَّ الخصوبة تمس الزمن أيضاً.

سأطرح سؤالي بشكل واضح وبسيط: هل حال المرأة العربية في تقدم، وإلى أي مدى استوعب النسق الثقافي الاجتماعي العربي التغييرات التي طرأت على مكانة المرأة ودورها وحقوقها؟
نطرح هذا السؤال الذي يستبطن مقاربة إيجابية معقلنة، ونحن على وعي تام بأنه اليوم لا توجد امرأة عربية واحدة، بل هناك نساء عربيات وهناك فروقات بين أوضاع النساء من حيث التشريعات والحقوق والدور داخل المجتمع في البلدان العربية. غير أن الاختلافات النسبية في الأوضاع، لا تُلغي حقيقة أنَّ كل النساء العربيات وفي كل الفضاء العربي والإسلامي يعرفن تحولاً نوعياً في وضعيتهن، وهذا في حد ذاته معطى إيجابي جداً يستحق الإشارة والتدوين لأنَّه يعلن عن حراك عام وإن كان بوتائر مختلفة.
طبعاً لن ننكر أن ملفات كثيرة لم تُعالَج بعدُ في بلداننا، وما زالت عاملات يَمُتنَ في حوادث وهنَّ في طريقهن إلى العمل، وما زالت الأجور غير متساوية بين الرجال والنساء في بلدان كثيرة، وما زالت هناك نساء وفتيات ضحايا العنف في مجتمعاتنا، حتى إن عددهن ارتفع، ولا ضير من إعلان ذلك بكل صراحة. بل إنَّ الأميَّة في العالم العربي لا تزال تعصف بالنساء أكثر من الرجال، وما زال الزواج المبكر وغير ذلك من الظواهر التي لا يمكن إنكارها.
كما أننا نعتقد أن إعلان كل ظاهرة سلبية تخص المرأة في مجتمعاتنا هو في حد ذاته فعل تقدمي وإصلاحي ونقدي، لأن توصيف الظاهر وواقع الحال دليل تحول في مستوى الوعي، إذ ما نعده اليوم سلبياً ونقاومه هو في منظر النسق الثقافي الموروث إيجابي، إضافةً إلى أن التوصيف الصريح والشفاف هو نصف المعالجة.
المؤكد والذي أصبح يُلمس من النخب والمجموعة الدولية بشكل عام أن المنجز لصالح المرأة في البلدان العربية اليوم مهم وواضح، ويعكس أن المسار قد تم تحديده وأن الحسم في ضرورة معالجة مسألة المرأة حقوقياً وتشريعياً واقتصادياً قد اتخذ الطريق الصحيحة. والإيجابي في الأمر أن التغيير نابع من النخب في مجتمعاتنا، والمنجز في مجال تعليم المرأة منذ تاريخ استقلالات الدول العربية أثمر تحولات نوعية أسهمت بشكل رئيسي وكبير في تحقيق التغيير الاجتماعي فيما يخص مسألة المرأة. بل إن نضالات النساء من أجل تغيير واقعهن من الأهمية ما يجعل المنجز لا خوف عليه.
من ناحية أخرى، فإن العالم اليوم أصبح في سباق غير معلن وباتت الدولة التي تتقدم أكثر في مجال عدم التمييز بين الجنسين هي الأكثر رأسمالاً حقوقياً والأكثر جدارةً للحصول على دعم المؤسسات الدولية المانحة، والتي تعاضد جهود التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات ومناهضة العنف. بمعنى آخر فإن مؤشرات تحسين وضعية المرأة والتقدم في معالجة المشكلات المانعة لتحققها بوصفها فاعلة اجتماعياً تعد من الضوابط المحددة في خطة التنمية المستدامة للأمم المتحدة سنة 2030.
فالثابت هو أن التغيير الاجتماعي الإيجابي حاصل وبصدد التحقق في كامل العالم العربي بمشرقه ومغربه، وهو ما يفيد أن النقلة النوعية بدأت في التحقق والمؤشرات كمّية وقابلة للقياس، من ذلك تزايُد المشاركة السياسية للنساء العربيات في مواقع القرار بعد أن كانت ممارسة السياسة حكراً على الرجال.
إذن في اليوم العالمي للمرأة يمكن القول من دون تزييف للواقع، إن واقع المرأة العربية في تقدم، وإن الجميع قد حسم أمره، والباقي يتعلق بالمعركة الثقافية والممارسات الاجتماعية التي تحتاج إلى تراكم الإرادات والنضالات.
ومثلما لا نتوانى عن الإشادة بنصف الكأس المليء بالماء في اليوم العالمي للمرأة، فإننا أيضاً ننتهز فرصة هذا اليوم الذي يدوم شهراً، كي نعترف بأن طريق التغيير ما زالت تتطلب الشجاعة والجرأة وبذل الجهد خصوصاً في المجال الاقتصادي، وهو التحدي الأكبر أمام بلداننا وبتحققه سيعرف التغيير نسق سرعة مرتفعاً.
إن اليوم الذي ستتم فيه معالجة قضية المرأة من الأبعاد كافة هو اليوم الذي سيتوقف فيه كل العالم عن إحياء اليوم العالمي للمرأة. ولنا في الرجل خير برهان: فهل يحتفل العالم باليوم العالمي للرجل؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم الذي يدوم شهراً اليوم الذي يدوم شهراً



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon