توقيت القاهرة المحلي 01:14:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

  مصر اليوم -

 والجامعيون أيضاً أيها الرئيس

بقلم:د. آمال موسى

في بضعة أسابيع تمكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن يكون حديث العالم بالصدمات المتتالية التي أحدثها، كأن الرجل من أشد المتحمسين لنظرية الدعاية المضادة وأثرها الأقوى من الدعاية الإيجابية.

فهل نحن أمام سلوك سياسي يتميز بالعقلانية أم غير ذلك؟

نطرح هذا السؤال لأن السلوك العقلاني كما علَّمنا الألماني ماكس فيبر له هدف واضح، بمعنى أن العقل يرسم هدفاً والسلوك يتجه نحوه من أجل إصابته.

ما نلاحظه هو أن الهدف من شدة وضوحه أصبح غامضاً ولا يستحق كل هذا الضجيج. سيكتب المؤرخون بالبنط العريض وباللون الأحمر الصارخ أن ترمب أكثر رؤساء الولايات المتحدة دفاعاً عن إسرائيل، وأن هذه الأخيرة لم تبلغ قمة الدلال كما هو الحال مع الرئيس المنتخب مجدداً.

في غضون أسابيع قليلة شن ترمب معارك عدة في الوقت ذاته. وتتمثل طريقته في ضرب سرب من العصافير بحجر واحد وكيفما اتُّفق... بل خلافاً لما اتُّفق حوله.

لا يستعمل ترمب في كل معركة الأدوات التي تناسبها، بل إن المعارك مختلفة جداً والسلاح هو نفسه: التهديد بوقف المساعدات، أو التهديد بسحب التمويلات، أو زيادة التعريفات الجمركية للمضايقة تجارياً... وكل التهديدات فيها مال.

هل يُعزى ذلك إلى كونه قدِمَ من عالم المال والأعمال؟ لنفرض ذلك، هل يعني ذلك أن ترمب يمارس السياسة بتصور رجل أعمال يدير العالم كما تُدار السوق؟

لنتذكر جيداً، والعهد ليس ببعيد، أنه عندما أطلق دعوته الصادمة بتهجير أهالي غزة إلى مصر والأردن فإنه مارس ضغطاً عالي النبرة، حيث هدد وبشكل مكشوف وصريح ودامغ بوقف المساعدات لهذين البلدين في حال رفضهما الانصياع لدعوته.

هذه الدعوة أحدثت صدمة عارمة ووضعت رؤساء دول في عنق الزجاجة؛ فجلُّ ما تعنيه هو دفن القضية الفلسطينية، الأمر الذي كشف جلياً عمَّا كان وراء أشهُر الاستنزاف والتصفية الجسدية التي تعرض لها أطفال غزة والنساء والشيوخ ورجالها. ورغم أن إعلان مثل هذه المواقف ليس مقبولاً من أقوى دولة في العالم، لما يُلزمها موقعها من حد أدنى من العقلانية والتظاهر بمناصرة الحق شكلاً على الأقل، فإن الذين تعودوا على طريقة ترمب في المساندة المطلقة لصالح إسرائيل قد يجدون بعض التبريرات له من منطلق أنها معارك سياسية، وأن للرجل سلاح المال والمساعدات الذي يفقه استعماله. غير أن الصدمة الكبرى التي لا أظنها يمكن أن تخطر على بال أكثر الفاهمين لطريقة ترمب وأسلوبه وردود أفعاله مع خصومه ومن يخالفونه الفكرة والمبدأ، هو ما قام به تجاه جامعة هارفارد، أكثر جامعات الولايات المتحدة عراقةً وسمعةً علميةً مرموقةً.

بشكل بسيط وواضح فإن ترمب يشن معركة ضد رؤساء الجامعات في بلاده، ويتهمهم بالتساهل في معاداة السامية وحيادهم تجاه المظاهرات الطلابية الرافضة لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد أهالي غزة.

والمشكلة أن الأمر لم يتوقف عند إلقاء التُّهم، بل إنَّ رد فعل السيد ترمب هو إلغاء الدعم المالي المخصص لتمويل البحوث، الأمر الذي لم تسكت عنه رابطة الجامعات والكليات الأميركية التي قامت بالتحرك، وأصدرت بياناً عبَّرت فيه عن رفضها القاطع للتدخل السياسي في الجامعات.

لنتذكر جيداً ونحن نتصفح ملف معركة ترمب مع رؤساء الجامعات والكليات أننا نتحدث عن الولايات المتحدة الأميركية، وأن رفض تسييس الجامعة ليس رفضاً عبَّر عنه جامعيون في بلد من بلدان العالم الثالث، بل إننا –وهنا وجه الصدمة- في الولايات المتحدة الدولة الرائدة في البحث العلمي التي تعد حلم النابغين والمتفوقين وعشاق البحوث في العالم وقبلتهم الأبهى والأعظم.

من جهة ثانية، فإن المعركة انطلقت شرارتها من جامعة هارفارد، تلك الجامعة العريقة والمرموقة جداً، إذ لم تسمح لنفسها بالتضييق على حرية طلاتها في التعبير والتظاهر تجاه قضية عادلة إنسانياً وحقوقياً.

ماذا يعني شن مثل هذه المعركة على الجامعات في بلاده؟

وماذا يعني التهديد بإلغاء التمويلات المخصصة للبحوث العلمية في بلد يصنَّف في قائمة الدول الرائدة في مجال البحوث العلمية، الأمر الذي أدى إلى استحصال 353 أميركي الجنسية على جائزة نوبل، منها 317 في المجالات العلمية والطبية؟

تماماً كما هدد ترمب مصر بوقف المساعدات في حال رفضها استقبال أهالي غزة، فإنه هدد الجامعات في بلاده بإلغاء تمويل الدولة للبحوث العلمية فيها... كدفاع مستميت عن مصلحة إسرائيل. والجميع؛ ساسةً وعلماء وجامعيين، يحاربهم ترمب بسحب المال والمساعدات.

فالمال مسدس ترمب الذي يحب رفعه ضد الخصوم والمنتقدين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 والجامعيون أيضاً أيها الرئيس  والجامعيون أيضاً أيها الرئيس



GMT 08:11 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

المبالغة في التحذيرات “مثل قلتها”

GMT 08:09 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

حقّاً أهرام

GMT 08:08 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

أمامَ محكمة الرُّبعِ الأول

GMT 08:07 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

مِثال علاء عبد الفتاح

GMT 08:06 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ومخاطر الإدارة المجتزأة

GMT 08:05 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لقاء فلوريدا غير مسموحٍ له بالفشل

GMT 08:04 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحكاية ليست «الملحد»

GMT 08:02 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

فى متحف الشمع!

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 15:46 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

انخفاض جماعي في أسعار المعادن والفضة تهوي لأقل من 80 دولارًا
  مصر اليوم - انخفاض جماعي في أسعار المعادن والفضة تهوي لأقل من 80 دولارًا

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1

GMT 03:43 2021 السبت ,01 أيار / مايو

تامر حسني يطرح بوستر فيلم ”مش أنا”

GMT 03:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع يغادر إلى البرتغال لدعم علاقات التعاون العسكري

GMT 09:04 2020 الإثنين ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt