توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هناك تربية ضرورية تسمى: ما قبل مدرسية

  مصر اليوم -

هناك تربية ضرورية تسمى ما قبل مدرسية

بقلم - آمال موسى

الغالب على تمثلات مجتمعاتنا للتربية في بلداننا هو ربطها القسري والحصري بالمدرسة، أي إن تربية الطفل تبدأ مع ارتياده أول يوم للمدرسة.
طبعاً مثل هذا التصور يتضمن في طياته مخيالاً إيجابياً للمدرسة ولوظيفتها وكيف أنها تضطلع بوظيفة التنشئة الاجتماعية، خصوصاً أن علماء الاجتماع يَعدّون مؤسسة المدرسة إطاراً أولياً للتنشئة مثلها في ذلك مثل الأسرة.
ولكن هذا المخيال ظل غير مواكب للتطورات الحاصلة في نمط العيش وتوزيع الأدوار وما عرفته المدرسة نفسها من تحول نوعي في الوظيفة والدور. ذلك أنه العالم المتقدم من عقود طويلة وهو يكرس ما يسمى التربية ما قبل المدرسية، وهي تربية باتت أساسية ولا غنى للطفل عنها وتؤدي دور إذكاء مهارات الطفل وتتدخل في إظهار ذكائه وتنميته، الأمر الذي يعود بالنفع على المجتمع والمستقبل.
ما تقوله الأرقام والإحصائيات يشير إلى تواضع اهتمام بلداننا بالتربية ما قبل المدرسية بما فيها البلدان التي راهنت على التعليم وأولته المكانة المركزية، ووصلت فيها اليوم نسبة التمدرس مائة في المائة أو على مشارف الوصول. لذلك فإننا نجد في بلدان نصف الأطفال فقط يتمتعون بالحق في التربية ما قبل المدرسية وفي بلدان أخرى نجد الثلث وأحياناً الربع، وهناك من البلدان ما هي دون ذلك.
ما ندافع عنه في هذا المقال هو أن الطفل يحتاج إلى التربية ما قبل المدرسية. وندافع أكثر على مبدأ تكافؤ الفرص بين الأطفال في العالم.
تكتسي الفترة العمرية من الولادة إلى سن السادسة أهمية قصوى لأنّ الطّفل ينمو خلالها على المستوى البدني والإدراكي أو المعرفي الاجتماعي والعاطفي، وللرعاية التي يحظى بها الطفل خلال هذه الفترة، تأثيرات جوهرية على شخصيته يمكن إدراك تأثيراتها في سن البلوغ. لذلك وجب إيلاء هذه المرحلة العمرية عناية خاصة باعتبار أن 90 في المائة من نمو دماغ الطفل يتم خلالها (في سن السادسة يبلغ نمو دماغ الطفل 90 في المائة من نموه المرتقب عند سن البلوغ). وفي صورة عدم استغلال هذه المرحلة الاستغلال الأمثل فإن عمليّة تنمية الطفل وإكسابه الكفاءات الضرورية ستكون أصعب ومنقوصة في غالب الأحيان. ويشهد نمو الطفل مرحلتين أساسيتين تستوجب كل واحدة منهما أساليب تدخل خاصة وبالتالي أساليب مناسبة.
تبدأ الفترة الثانية من حياة الطفل من سن الثالثة لتمتد على سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات حتى الفترة التي تسبق التحاق الطفل بالمدرسة الابتدائية. وتنمو احتياجات الطّفل بنموّه وتتنوع حسب مقتضيات تنشئته الاجتماعية وبناء قدراته الإدراكية الأكثر تعقيداً. لذلك، تتواصل أهمية دور الأسرة في مسار نمو طفلها، غير أنّ هذا النمو يحتاج في تلك المرحلة لاندماجه مع أطفال آخرين لبعض الوقت في إطار هياكل ومؤسسات منظمة.
إن تعبير «التربية ما قبل المدرسية» ينطوي على اختلافات نسبية بين مؤسسات ما قبل الدراسة (بمختلف أصنافها) سواء على مستوى الوعي بأهمية المرحلة وخصوصياتها، أو فيما يتعلق بالمضامين الموجهة للطفل والممارسات البيداغوجية المعتمدة داخل هذه الفضاءات، وذلك أمام الأهمية البالغة لمرحلة التربية ما قبل المدرسية وتأثيرها على المسار الدراسي للطفل في المرحلة الابتدائية وعلى نتائجه. ولقد أثبتت الدراسات أن قرابة ثلاثة أرباع الأطفال الذين ينقطعون عن الدراسة إنما يعود ذلك إلى عدم مرورهم بتجربة التربية ما قبل المدرسية، الأمر الذي يُنتج فوراق واضحة بين تلميذ استفاد من كفاءات التربية ما قبل المدرسية وبين طفل أعزل معرفياً لا يعرف شيئاً، وهو وضع يخلق شعوراً بالنقص وبالتمييز.
ومن المهم أن نعطي مرحلة الطفولة المبكرة حقها من الأهمية، ففي هذه المرحلة تتشكل لدى الطّفل، بدايةً من السنة الرّابعة، مواقف أكثر موضوعيّة لتتحوّل في مرحلة لاحقة إلى اقتدارات سلوكيّة. وفي هذه المرحلة تنمو علاقات الطّفل الاجتماعية وتتكاثف في مختلف ما يقوم به من أنشطة.
إن مسألة التربية ما قبل المدرسية والحق في روضة أطفال من الموضوعات التي تمثل مقياساً ندرك من خلاله واقع الطفولة في أي بلد. ولا شيء يحرض على التغيير والاجتهاد مثل تغيير واقع الطفولة لأنه استثمار عميق ومضمون النجاح في الإنسان وفي المستقبل.
كما أن التمييز بين الأطفال وتمكن طفل من التمتع بحق أساسي يتمتع به غيره لأن عائلته ميسورة الحال من الظواهر التي تحتاج إلى معالجة ويقظة واستثمار بالمال والجهد وبكل ما نملك في داخلنا من طفولة أو بقايا طفولة.
هناك تربية مدرسية وهناك تربية ما قبل مدرسية. واليوم باتت كل منهما ضرورية، بل إن التربية المدرسية مشروطة أكثر من أي وقت مضى بالتربية ما قبل المدرسية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هناك تربية ضرورية تسمى ما قبل مدرسية هناك تربية ضرورية تسمى ما قبل مدرسية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon