توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة مكة وموارد الأمن العربي

  مصر اليوم -

قمة مكة وموارد الأمن العربي

بقلم: د. آمال موسى

نلاحظ أن القمم التي جمعت القادة العرب في السنوات الأخيرة مختلفة في صراحتها وواقعيتها عن القمم المألوفة من قبل. يمكن تفسير ذلك بجدية التحديات الراهنة وما عاشته المنطقة العربية بشكل عام من هزات أسهمت بدورها في إنتاج تعامل مختلف مع الأحداث والواقع.
ويبدو لنّا أن هذه النقطة إيجابية جداً وذلك من منطلق كون كثافة الأحداث وخطورتها حركت آليات الدفاع تماماً، كما يجب أن يكون التعامل والتفاعل مع الأخطار.
وكلامنا هذا ينسحب على قمة مكة الطارئة وما تضمنته من تحليل لواقع العالم العربي ومن دعوات اتسمت بلغة مباشرة صريحة ومن مواقف لا غموض فيها ولا مواربة ولا دبلوماسية لا طائل منها.
طبعاً استأثرت هذه القمة التي التأمت في توقيت ذي حساسية مخصوصة ونوعي جداً باهتمام كبير، خصوصاً أن ما جعلها تنعقد بشكل طارئ هو الحاجة الأكيدة لتوحيد الصفوف والمواقف إزاء مشاكل حقيقية لا تحتمل الانتظار الدوري العادي.
من جهتنا، نود التوقف عند مسألتين اثنتين كانتا بارزتين في كلمات القادة العرب ونعتقد أنهما من الأهمية، ما يصعب القفز عليهما رغم كثرة المواضيع المهمة التي طرحتها القمة.
المسألة الأولى تتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث لم تستطع قضايا مصيرية أخرى مثل إيران وغيرها أن تهمش التهديدات الحقيقية التي ارتفعت وتيرتها منذ تسلم ترمب الحكم في الولايات المتحدة وتلويحه الجاد بما يسمى «صفقة القرن»... لم تستطع حجب القضية الفلسطينية عن طاولة قمة مكة. ولقد جاء في كلمة الملك سلمان بن عبد العزيز تأكيد واضح على أولوية القضية الفلسطينية والتمسك بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وفق مبادرة السلام العربية وليس وفق وعود ترمب لدولة إسرائيل.
أظن أن هذا التأكيد وإن كان ليس جديداً ولم يرد للمرة الأولى، فإنه تميز بالأهمية نظراً لطبيعة اللحظة الفلسطينية الراهنة وما تحاول الجهود الأميركية القيام به لفرض صفقتها مع إسرائيل على حساب الجانب الفلسطيني باعتباره الأضعف من منظور موازين القوى.
أما المسألة الثانية فتكمن في كيفية تمثيل الأمن والاستقرار العربيين بشكل واضح ومكثف أشبه ما يكون بخريطة طريق. كما أن المهم في طرح هذه المسألة الإقرار الضمني والظاهر بأن العالم العربي في معظمه يفتقد الأمن والاستقرار، لأن في طبيعة مثل هذا الطرح نلاحظ تجنب اللغة السياسية الفضفاضة والمطمئنة دون اطمئنان.
إنّ ربط الأمن العربي بشروط تحول العالم العربي إلى مركز اقتصادي وثقافي مؤثر في العالم هو بمثابة وضع الإصبع على مكامن الداء الحقيقية. فالأزمات العربية هي أزمات تنمية وتخلف ثقافي وثبوتية ماضوية مانعة للاجتهاد والتفكير ولممارسة الوظيفة النقدية اللازمة إزاء التراث والموروث الحضاري بشكل عام من أجل تجديده وضخ روح العصر والمعاصرة فيه ليثبت جدواه المستمرة.
وإذا أمعنا النظر في طبيعة المشاكل المهيمنة اليوم على البلدان العربية سنجد أنها ذات طبيعة اقتصادية وثقافية بالأساس. من ذلك أن نسب البطالة عالية في العالم العربي وتمس الفئة العمرية الحيوية، أي فئة الشباب، الأمر الذي جعل أغلب شبابنا بسبب إحباطاته الاقتصادية ومعاناته من البطالة وانسداد الآفاق أمامه يُظهر استعدادات الاحتقان والسقوط فريسة في فخاخ الشبكات الإرهابية. بمعنى آخر، فإن فشل مشاريع التنمية العربية وتعطل قطاراتها لأسباب عدّة أوّلها معاداة الكفاءة، أدت إلى شعور الفئة الحيوية في مجتمعاتنا بالاغتراب وقوّت عندها الاستسلام لقنوات البحث عن الاعتراف السلبية والاحتجاجية. وحتى في البلدان التي عرفت ثورة مثل تونس، والتي كانت شرارتها الأولى إحراق شاب عاطل عن العمل نفسه بسبب شعوره بالإقصاء والفشل في تأمين لقمة عيش في ظروف كريمة، فإنه ما زال الأمر على حاله، بل إنّه تدهور أكثر، إذ ينبئ غلاء المعيشة وتعويل الحكومة المبالغ فيه على القروض الدولية والأداءات أكثر من التنمية بأن الوضع غير مضمون الوجهة.
فعلاً تعاني غالبية بلداننا من أزمة وضع تصور تنموي يتدرج بنا نحو التطور والتقدم والرخاء الاقتصادي الذي وحده يمتص الطاقة السلبية ويقوي الأمل في المستقبل ويعالج العلاقات مع الحياة التي تشكو من عطب عميق. هناك سلسلة مرتبط بعضها ببعض: إذا نجحنا في مقاومة الفساد بأنواعه الموصوفة والمسكوت عنها ووضعنا منوال تنمية يناسب طاقاتنا ومواردنا وثرواتنا فإن ذلك يعني التقليص من البطالة والفقر أكبر أعداء الإنسان على امتداد التاريخ.
ما يحز في النّفس أن العالم العربي فعلاً يستطيع لو أراد بصدق وجدية أن يصبح مركزاً اقتصادياً كبيراً، كما هو شأن الأمم التي راهنت على ذكاء الفرد فيها وثراء طبيعته وثقل حضارته.
إننا نركز على الاقتصاد لأن الثقافة نفسها مرتبطة به سبباً ونتيجة: عندما تدور عجلة الاقتصاد، فإن ذلك يعني أن العقل بدأ يشتغل وإذا اشتغل العقل فإنه لا سقف لنقده وإبداعه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة مكة وموارد الأمن العربي قمة مكة وموارد الأمن العربي



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon