توقيت القاهرة المحلي 12:57:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يعني «الطلاق» بين حزبي السبسي والغنوشي؟

  مصر اليوم -

ماذا يعني «الطلاق» بين حزبي السبسي والغنوشي

بقلم -آمال موسى

لا حديث في تونس خلال هذه الأيام إلا عن خطاب رئيس الدولة السيد الباجي قائد السبسي الذي أعلن فيه نهاية التوافق مع حركة «النهضة»، مبرزاً أن هذه القطيعة بطلب من «النهضة» نفسها.

وللعلم، فإن كلمة «التوافق» هيمنت على امتداد السنوات الخمس الأخيرة على المشهد السياسي التونسي، ولاقت من المواقف المختلفة والمعارضة لها الكثير، وذلك من المنتمين للحركتين سواء «نداء تونس» أو «النهضة». وهو ما يعني أن زواج الحركتين سياسياً لم يكن دون مشكلات ونقد ورفض خلافاً للطلاق بينهما الذي تم التفاعل معه بالصمت عند البعض، وبالترحيب البارد لدى الآخرين الذين يرون أنه ما كان يجب أن يحدث التوافق أصلاً.

طبعاً، السبب المباشر لحالة العطب التي أصابت سياسة التوافق بين الحركتين الحاكمتين في تونس اليوم، يعود إلى اختلاف الموقف من رئيس الحكومة الراهن السيد يوسف الشاهد، لكن لا نعتقد أن السبب المباشر وحده كفيل بتفسير العطب وفهمه.

فالتوافق الذي اعتمدته الحركتان كان من البداية هشاً ومحل انتقاد، ومما زاد في هشاشته أنه لم يتعدَ البعد السياسي. زيادة أن المشكلات الاقتصادية التي عرفتها البلاد أفقدت سياسة التوافق نجاعتها وجدواها من الناحية البراغماتية.

من المهم أمام قرار نهاية التوافق أن نستحضر مجموعة من العناصر، لعل أولها يتصل بما قبل انتخابات 2014، عندما كان التوتر بين الحركتين في أوجّه. بل إن «حركة نداء تونس» بنت مضمون مشروعيتها الحزبية بمعارضة «النهضة» وقطع الطريق سياسياً عليها؛ الأمر الذي جعل «حركة نداء تونس» تولد كبيرة والتف حولها الكثير من التونسيين، وراهنوا على كونها الكفة الحداثية التي ستلجم جماح الإسلام السياسي التونسي، وتحديداً «حركة النهضة» الأكثر تنظيماً وقواعد شعبية.

كما يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن «حركة نداء تونس» كانت مهدّدة بقانون العزل السياسي الذي تراجعت عن التصويت لفائدته كتلة «النهضة» ذات الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي آنذاك.

هناك من يؤرخ للتوافق بين حركتي «النهضة» و«النداء» بما سمي لقاء باريس في أغسطس (آب) 2013. لكن عملياً، يمكن القول إن نتائج انتخابات 2014 هي التي أملت الشرط الواقعي لعلاقة التوافق، وجعلت منه ضرورة كي يتم الانشغال بتسيير الدولة وحل المشكلات بدلاً عن مواصلة التجاذب الآيديولوجي بما يعنيه ذلك من تشويش. ولمّا كانت كتلتا حركتي «النهضة» و«النداء» مسيطرتين على البرلمان ومقاعده، فإن التوافق استمر بما وفره من تنسيق في المصادقة على مشاريع القوانين داخل البرلمان، وبما مثّله من تقوية متبادلة لهما أمام المعارضة.

السؤال الآن: ماذا يعني سياسياً إعلان نهاية التوافق بين الحزبين، وأيهما أكثر تأثراً بتداعياته إذا كانت له تداعيات؟

المثير للانتباه، أنه رغم أن الرئيس السبسي أشار بكل وضوح إلى أن «حركة النهضة» هي من طلبت إنهاء التوافق، فإننا نلاحظ أن رد فعل «حركة النهضة» في البيان الذي أصدرته يرمي مسؤولية إنهاء التوافق في شباك رئيس الدولة، حيث تمت الإشادة بخيار التوافق، وكيف أنه يعود له الفضل في نسج الاستثناء التونسي، وأنه الأرضية المثلى لاستقرار البلاد وإدارة الاختلاف. طبعاً في البيان نفسه هناك ما يشير صراحة إلى وجود اختلاف في وجهات النظر حول عدد من القضايا، وذلك دون تحديد لهذه القضايا.

وكما نلاحظ، فإن الحركة لم تصعّد اللهجة وحرصت على تسويق صورة الطرف المتمسك بالتوافق، وهي رسالة إلى الخارج قبل الداخل، في حين أن إشارتها إلى اختلاف وجهات النظر حول بعض القضايا هي رسالة مصالحة لقواعدها الرافضة لمسار التوافق مع «حركة النداء»، وإقرارها تغليب السياسي على الدعوي، وصمتها وحيادها إزاء مشاريع قوانين، مثل مشروع قانون المساواة بين الجنسين في الميراث.

هناك نقطة أخرى مهمة، وهي أن توقيت الإعلان عن التخلي عن سياسة التوافق في هذه اللحظة بالذات التي تعرف فيها تونس كوارث طبيعية (فيضانات) ومشكلات اقتصادية عدة، إضافة إلى أنها مقبلة بعد عام على انتخابات تشريعية ورئاسية ثانية في مرحلة ما بعد الثورة... كل هذا خلق نوعاً من الإرباك لوضع يعاني أصلاً من إرباك وتصدعات.

كما أنه من الواضح أن العلاقة بين الحركتين الرئيسيتين في الحقل السياسي التونسي قد عادت إلى ما قبل صائفة 2013، وهو ما يفيد بأن الحملات الانتخابية للعام القادم ستكون صراعية آيديولوجية كما كانت، وسيتم إهمال ما تم إهماله في السابق في خصوص الرهان على البرامج الاقتصادية وإيجاد الحلول للمشكلات الاجتماعية.

طبعاً الصراع الآيديولوجي لم يتوقف لحظة بين النخب في تونس، ولا شيء يوحي بمؤشرات الانتصار لتوقعات التونسيين الاقتصادية، لكن الهدنة التي عرفها الصراع الآيديولوجي سياسياً باتت مهددة بالهتك.

وإذا كان من الصعب تحديد التداعيات من جراء عدم التوافق، فإن النقطة الغائبة عن «حركة نداء تونس» التي عرفت ضعفاً متتالياً، أنها خسرت ثقة ناخبيها، ولا نعلم إلى أي حد يمكن استرجاع الثقة فيها دون أن ننسى أنه لولا الانشقاقات والاستقالات التي باتت تميز «حركة نداء تونس» لما قامت «حركة النهضة» باستسهال أمر إنهاء التوافق.

فهل هو طلاق ظرفي يهدف به رئيس الدولة إلى الضغط العالي الصوت على «حركة النهضة»، أم أن تونس مقبلة على إعادة ترتيب للتحالفات السياسية الحزبية؟

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يعني «الطلاق» بين حزبي السبسي والغنوشي ماذا يعني «الطلاق» بين حزبي السبسي والغنوشي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها

GMT 03:22 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريم سامي تتألق في مهرجان الجونة السينمائي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon