توقيت القاهرة المحلي 08:53:21 آخر تحديث
الخميس 30 كانون الثاني / يناير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

لبنان «محكوم بالأمل»

  مصر اليوم -

لبنان «محكوم بالأمل»

بقلم:سوسن الأبطح

ما يحتاجه اللبنانيون هو مجاراة فرحتهم والأمل الكبير الذي سكنهم، بعد أن رأوا ما لم يتحقق في سنتين ونيف، وتركهم نهباً للفراغ، يُنجز مضاعفاً في أربعة أيام، بانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة، وبدء استشارات نيابية.

قد تكون «خديعة» كما قال نواب «حزب الله»، هي التي أوصلت نواف سلام، أو لعبة ديمقراطية، إنما الأجواء اللبنانية الشعبية تنحو إلى رؤية جديدة، حتى وإن كانت لا تعرف ماهيته. نصدّق ما قاله النائب فيصل كرامي، الذي قرر مع «كتلة التوافق الوطني» اختيار نجيب ميقاتي في العشية، وفي اليوم التالي أتوا باسم نواف سلام. قال كرامي: «نحن مطالبون بالاستماع إلى جمهورنا وقاعدتنا الشعبية التي تعبر عن الحاجة إلى دم جديد، وتغيير، وانفتاح». شرح أن حماسة إضافية بدأت عند الناس، بعد استماعهم إلى خطاب القسم لرئيس الجمهورية عون، بما فيه من وعود رفعت السقف، ولقي استحساناً ورواجاً كبيرين.

يقال إن تيمور جنبلاط، هو الذي دفع والده وليد جنبلاط إلى العدول عن التصويت لميقاتي. جيل بأكمله يريد للمشهد القديم أن يتبدّل، مع أن النتيجة لا تزال ضبابية. هذا يتحدث عنه نواف سلام نفسه في كتابه «لبنان بين الأمس والغد»، الذي يصدّره بمقولة للفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي تقول: «تكمن الأزمة تحديداً في أن القديم يحتضر، بينما الجديد لا يستطيع أن يُولد بعد. وفترة الالتباس هذه بين العتمة والنور، تظهر شتى أنواع الأمراض». في هذه الفترة المملوءة بالعلل الفتّاكة، و«إحدى أخطر مراحل تاريخ لبنان المعاصر»، في رأي نواف سلام، يتحمّل مسؤولياته الحكومية. يضاف إلى الشروخ التقليدية، عارض جديد، ليس له سابق منذ توقيع اتفاق الطائف هو حجب كتلة نيابية وازنة، تمثل طائفة من ثلث سكان لبنان، أصواتها عنه؛ وهو ما يتطلب ديناميكية، وإبداعاً سياسيين لتخطيه.

علق الرئيس نبيه بري على هذه المعضلة بالقول: «لبنان بدو يمشي». فلا يعقل أن يبقى الشعب سابقاً لسياسييه، ومبتكراً للحلول في غياب قيادة إنقاذية، تلتقي في منتصف الطريق.

لا ننسى أنه مع اختفاء التيار الكهربائي بعد أزمة المال، تمكن الناس من توليد الطاقة النظيفة خلال أربع سنوات، بجهود فردية بنسبة فاقت الأربعين في المائة من حجم الاستهلاك. وصل الأمر أن تبيع النساء مصاغهن لتزويد عائلاتهن بالطاقة. الصناعة تركتها الدولة تعاني جور الضرائب وجنون تكاليف الكهرباء، وغلاء المواد الخام، ومع ذلك نهضت وتطورت. كانت المنتجات اللبنانية تشكل 11 في المائة من السوق اللبنانية في زمن العزّ، حيث بلغت اليوم نحو 67 في المائة، من بينها الدواء الذي شكل عبئاً هائلاً على المواطنين مع انهيار نظم التأمين الصحي. تم إعطاء تراخيص لأكثر من 1300 مصنع جديد، والليرة اللبنانية تتهاوى. هل يمكن للدولة أن تبقى غائبة، والناس ينحتون في الصخر، ويبنون بسواعد عارية، ويوفرون للمصرف المركزي الذي شارك في سرقة ودائعهم، أكثر من 1.4 مليار دولار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، خلال أسوأ وأبشع ظرف، كانت فيه الحرب الإسرائيلية الوحشية تحرق لبنان.

مع أن احتياطات «المركزي» قبل ذلك، انخفضت من 34 مليار دولار في أكتوبر 2019 إلى 8.5 مليار منتصف عام 2023.

المبادرات الفردية اللبنانية، جعلت بلداً صغيراً تعرض في فترة قصيرة لا تتجاوز ست سنوات لوباء مدمر، وانهيار مالي، نموذجاً يدرّس في الجامعات لقسوته، كما تعرض لانفجار يقارب «هيروشيما» دمّر ربع العاصمة بيروت، ومن ثم لانهيار الليرة اللبنانية، وفقدان ودائع المواطنين... البعض خسر تقاعده وترك في شيخوخته مهاناً، تبع كل ذلك حرب تدميرية شعواء وتهجير لمليون لبناني من بيوتهم وتفجير لعشرات آلاف البيوت. ولا ننسى أن لبنان كان قبلها تحول مع مليوني لاجئ سوري، إلى أكبر بلد لجوء في العالم، وأكبر بلد في هجرة شبابه وصار مأوى للمسنين.

كل هذا كان كفيلاً بإسقاط دولة كبرى. سمعنا عن تخوف من أناس سيأكل بعضهم بعضاً، ويهاجمون البيوت بسبب شدة الفقر. حكي عن قلق من موجات سطو وقتل، وتشكل عصابات. لا شيء من هذا حدث. صمد اللبنانيون يعضون على الجرح، ويتمسكون بكراماتهم التي لم يبق لهم غيرها، وهم يلملمون جراحهم.

جهاد جماعي، يستحق ممن يمسكون بزمام السلطة، أن ينظروا إليه بعين التقدير مع محاولة للاستفادة منه والبناء. الصناديد الذين عملوا في حقول من جمر ينتظرون من حكامهم فسحة فرج. يقول أحد الشبان الذين يريدون بصيص ضوء ليعودوا إلى البلاد: «منذ توفي الرئيس رفيق الحريري، لم تأتِ حكومة لها رؤية. نعيش منذ عام 2005 في ظل حكومات تصريف أعمال، لا نعرف أهدافها، ولا ما ستوصلنا إليه. حكومات تأتي وتمضي، وكأنما تريد تعبئة الوقت الشاغر». شبان آخرون يستبشرون بالدور الذي لعبه نواف سلام في تأسيس جمعيات مدنية بعد الحرب الأهلية، لعله يخفف من العصبيات الطائفية المستشرية. يريدون حيوية، وحياة، ونقاشاً، وديناميكية. وهذا حقهم!
كُتّاب الشرق الأوسط
المزيد
عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
سمير عطا الله
سمير عطا الله
بدر بن عبد الله بن فرحان
غسان شربل
غسان شربل
طارق الحميد
طارق الحميد
فرهاد علاء الدين
فرهاد علاء الدين
حازم صاغية
حازم صاغية
أحمد أبو الغيط
أحمد أبو الغيط
ديفيد لامي
ديفيد لامي
تركي الدخيل
هيثم فيصل الغيص
رضوان السيد
رضوان السيد
الأكثر قراءة

    اليوم
    الأسبوع

1
أميركا وقطر تعلنان رسمياً التوصل لاتفاق بشأن غزة... والتنفيذ الأحد
2
سلطات كوريا الجنوبية تستجوب الرئيس المعزول يون
3
سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثّه فيديوهات تهدّد الحكومة المصرية
4
مذكرات جندي كوري شمالي قُتل بحرب أوكرانيا تكشف عن «تكتيكات قتالية مروعة»
5
ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان «محكوم بالأمل» لبنان «محكوم بالأمل»



GMT 08:33 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

حوادث الموتوسيكلات!

GMT 08:30 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

الهزيمة الفلسطينية

GMT 08:29 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

إفــلاس

GMT 08:28 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

الثُلث المُعطِل!

GMT 08:27 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

مسيرة 27 يناير!

GMT 20:04 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

الضوء الشاحب فى نهاية النفق

GMT 20:00 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

افرحوا.. لكن احترسوا

GMT 19:59 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

تماثيل خلفت أثرا في حياتي

GMT 20:20 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

مصطفى شعبان وأحمد العوضى يقودان الدراما الصعيدية في رمضان 2025
  مصر اليوم - مصطفى شعبان وأحمد العوضى يقودان الدراما الصعيدية في رمضان 2025

GMT 17:18 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

خالد رزق يشارك في حكاية مش مبسوطة وينتظر «فرق خبرة»

GMT 04:56 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الجديدة تواصل ارتفاعها في مصر

GMT 03:16 2021 الثلاثاء ,28 أيلول / سبتمبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 27 سبتمبر 2021

GMT 13:34 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

أنواع عطور يدخل فيها الفلفل الحار

GMT 19:58 2021 السبت ,17 تموز / يوليو

ميناء دمياط يتعامل مع 18 سفينة متنوعة

GMT 14:44 2021 الخميس ,03 حزيران / يونيو

إنزاجي مديرًا فنيًا لـ«إنتر ميلان» رسميًا

GMT 17:08 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

انتعاش الصناعات التحويلية فى أمريكا خلال مايو

GMT 14:01 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 09:45 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

الري تعلنِ تحويل 285 ألف فدان للري الحديث

GMT 10:10 2021 السبت ,17 إبريل / نيسان

افكار لتزيين المنزل بواسطة فوانيس رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon