توقيت القاهرة المحلي 20:25:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كوتس المخيف

  مصر اليوم -

كوتس المخيف

بقلم:سوسن الأبطح

تتلقى السردية الإسرائيلية ضربة قاسية في عقر دارها. النجاح الهائل الذي يحققه كتاب «الرسالة» في أميركا للصحافي والروائي الشهير تا-نهيسي كوتس، ويخصص أحد أهم فصوله لفلسطين، يجعل المؤيدين لإسرائيل يشعرون بالذعر حد الهذيان.

أصبح الكتاب الذي يعرّي الإجرام الإسرائيلي على قائمة المؤلفات الأكثر مبيعاً، وفتحت محطات التلفزة التي لم تكن يوماً مؤيدة لفلسطين شاشاتها وبرامجها أمام كوتس، ليدلي بالمزيد من الشهادات حول زيارته وتجربته بين الضفة وإسرائيل. عنونت «واشنطن بوست» أحد مقالاتها: «لماذا يجب عليك قراءة كتاب تا-نهيسي كوتس الجديد؟». والإجابة لأن الكاتب هو أحد أهم المؤثرين في بداية القرن الحادي والعشرين، ومن بين مَن تأثروا به الرئيس باراك أوباما وآخرون غيره. كما أن الكتاب يكشف عن اليوميات الرهيبة لحياة الفلسطينيين، ويربط بين اضطهادهم ومظالم السود في أميركا. ويثير كوتس ضجيجاً قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها كل من المرشحَين كامالا هاريس ودونالد ترمب على دعم إسرائيل، وحقها المطلق في الدفاع عن النفس ووجوب تزويدها بكل ما يلزم.

وحين يكتب كوتس عن الشناعات التي رآها في الضفة، وما تعرض له السود في أميركا، يجعل من القضية الفلسطينية جزءاً من الحوار الداخلي، في الوقت الذي تتجنب فيه هاريس الملونة فتح ملف العنصرية، وتركّز بشكل أساسي على التخلص من المهاجرين وتقليص عددهم.

يشعر المؤلف بالخزي والعار بعد رحلته الأخيرة إلى إسرائيل، التي كانت الأولى له، لأن كل المقالات التي قرأها، وتتحدث عن تعقيد الصراع وصعوبة فهمه كانت مزيفة، والأمر في حقيقته أبسط من ذلك بكثير. إذ يكفي أن تكتب الحقيقة.

ثمة هجوم غير مسبوق على الكاتب وكتابه، واتهامات بالجملة له بالانحياز وسوء الفهم، وعدم إدراك أبعاد ما رآه، رغم أن زيارته لفلسطين كانت قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ولا يتطرق لكل المجازر الحالية.

لكن الربط يحدث تلقائياً، عند من يقرأ. فكلما زادت إسرائيل من نسبة القتل وحرق المدنيين التي وصلت إلى الإجهاز عليهم في منازلهم بالروبوتات المفخخة المحملة بأطنان من المتفجرات، للتسريع في إبادة أكبر عدد منهم، تصاعد الغضب عليهم والمعارضات المدنية لسلوكهم الهمجي.

ويسير نتنياهو جنرالاته في خطة مفادها، إذا لم تنفع القوة العاتية، فلتكن قوة أكبر، للقضاء على الأعداء، لكن هذا النهج الهستيري يشعر عقلاء اليهود في العالم بخطر شديد على مستقبلهم، في الدول التي يعيشون فيها، وحتى في إسرائيل نفسها.

ويعتقد الكاتب والمخرج الإسرائيلي إيال سيفان أن الغرب يضلل إسرائيل وهو يدعمها بالسير إلى حتفها، غير عابئ بغير مصالحه، وجعلها تصل إلى مستويات من الوحشية تفوق الخيال.

وهو بعد 40 سنة من صناعة الأفلام، ومحاولات التغيير من الداخل، وصل إلى حد اليأس من مجتمع يصفه بـ«الأناني» و«العنيف»، وبأنه مسكون بفكرة استعمارية لا تتزحزح، ولا سبيل لكسرها إلا بالقوة.

الجميع يسأل «من يوقف هذا الجنون؟» الإجابة، أن فكراً سادياً إلى هذا الحدّ يحتاج إلى عقاب يطول كل فرد. وسيفان يعتقد أنه يوم يشعر كل شخص في إسرائيل بأن التجنيد الإجباري سيحول بين تسجيله في الجامعة التي يريدها، ويكون عائقاً أمام تقدمه في الحياة، سيعيد النظر مرتين. وحين يتأكد باحث من أنه لن يموّل ولن يُدعى ليشارك في مؤتمرات، أو يستقبل في مختبرات علمية، بسبب سوء السمعة، سيعيد النظر. حين تمس الإجراءات، كل شخص في صميم مصلحته الشخصية، تنكسر عنجهيته، وصلافته، ويبدأ المجتمع بالتفكّر.

إسرائيل باتت تخشى مجرد كتاب يروج في أميركا، وتسخّر لمهاجمته لوبياتها، وصحفها، ومحاميها، وكأنما اهتزت الدنيا. هذا لا يتلاءم مع العنجهية التي تتحدث بها، وقولها إن بمقدورها فعل كل ما تريد، حين تشاء حيث تشاء.

إسرائيل كيان يتغذى على الدم. لذلك ترفض من دون تردد السلام الذي تدعوها إليه الدول العربية وخلفها دول إسلامية. بل إن الكنيست رفض بما يشبه الإجماع، أي كلام عن الدولتين، وبالطبع لا يمكن أن تكون الدولة الواحدة واردة. ذلك لأنها تفقد كل ميزاتها، حين تصبح دولة عادية، كما أي دولة في المنطقة، وتسقط عنها الاستثناءات، ويتوقف ضخ المساعدات، والتمويلات الوفيرة، والمعاملة الخاصة. فهي مهيضة ومكروهة من كل جوارها، لذا هي مدللة، ووجب أن تكون الأكثر تسليحاً، والأوفر اقتصادياً، كي تتمكن من البقاء في محيط معادٍ.

إسرائيل تعيش وتقتات من معاداة محيطها لها، ولن تقبل بالسلام إلا كخدعة جديدة، على غرار أوسلو الذي أطال عمرها ما يزيد على ثلاثين سنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوتس المخيف كوتس المخيف



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
  مصر اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 06:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 19:30 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة نجلاء بدر تعلن وفاة عمها عبر "فيسبوك"

GMT 18:12 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

إغلاق مقاهي روما تحسبًا لشغب جماهير ليفربول

GMT 06:50 2022 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

تألق البرازيلي برونو سافيو في 9 مباريات مع الأهلي

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أرز بالبصل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon