بقلم : طارق الشناوي
حالة غير مسبوقة من النجاح الجماهيرى حققها أحمد زاهر فى دور فتحى البرنس، اسمه ومنذ بداية شهر رمضان يعلو على كبار النجوم، وعدد اللقطات التى يتم تداولها له فى (الميديا) احتل نصيب الأسد، إنه الشرير القاسى العنيد الذى يقتل بدماء باردة، ورغم ذلك فقد أحب الناس هذا الشر المفرط.. بريق العينين والحاجب المرفوع والنظرة التى تقسم لك بالثلاثة قائلة (شرير والله العظيم شرير)، رغم ما يبدو فيها من مباشرة، إلا أن هناك شيئا خاصا ربطها بالشارع، وصار هناك من يترقب المسلسل من أجل فتحى البرنس، يتابعه بشغف، ضاربا ومضروبا، فاعلا ومفعولا به، تعودنا أن نلعن الشر والأشرار بأفواهنا ولكننا نصفق لهم ونضحك معهم لأنهم يعبرون بطريقة ما عن رغبة مكبوتة بداخلنا، يحطمون (التابوهات) بدلا منا، لمحة مستترة من خفة الظل منحها زاهر لشخصية فتحى، تتيح للمتفرج أن يمنحه بين الحين والآخر ابتسامة. تعوّد جمهور السينما فى الثمانينيات والتسعينيات أن يصفق فى دار العرض بمجرد أن يرى عادل أدهم، رغم أنه يعلم تماما ما يعنيه وجوده فى (الكادر) إلا أنه ينتظر المزيد، هل استفاد زاهر من الشر كما كان يؤديه عادل أدهم؟ لا أستبعد.
أحمد زاهر هو المفتاح المباشر لقراءة شخصيات (البرنس)، حيث إن الملامح الغليظة تسرق العين، أخذ زاهر الشخصية إلى ملعبه، وحرص المخرج والكاتب محمد سامى على أن يتخلل بناءها كل ما أوتى من عنف لفظى وحركى بين الحين والآخر.. ولثقته المفرطة فى تواصله الحميم مع الجمهور يمنحه سامى (مونولوجا) دراميا طويلا، يؤديه بطريقته الخاصة التى تثير الإعجاب بقدر ما تثير الاستهجان، لا يترك أى ملمح ينطوى على شر إلا وتجد زاهر يبرع فى أدائه، فهو يهين والده ولا يتورع عن إعلانه تمنى موته، ويقتل زوجة وأبناء شقيقه ولا يترك فرصة إلا ويعتدى على النساء، يمارس الشر وكأنه يلعب عشرة طاولة، كوّن (دويتو) مع روجينا يترقبه الناس، جمعت بينهما مقولة ولاد البلد الخالدة (مبروم على مبروم م يرولش).
ما أراه أنا مبالغة فى الأداء صار عند الناس هو المطلوب بالضبط، ولو هبط زاهر درجة مثلا لصدم الجمهور المتعطش لما هو أكثر، إنه مثل طبق الكشرى، تضيف إليه جرعات مكثفة من الدقة والشطة والثوم حتى يختفى الكشرى!!.
الناس سعيدة مرتين، كلما أمعن فى الشر معبرا عن شىء بداخلهم، وكلما وجهت إليه لكمات ساخنة من محمد رمضان، فيجدوا أنفسهم يسددون الضربات إليه بيد محمد رمضان، الجمهور يفضلها دموية، ورمضان بالفعل يؤدى الواجب وزيادة، بين نحو 30 مسلسلا تتسابق فى العرض الرمضانى كان (البرنس) لديه مفرداته الخاصة، والكاتب والمخرج محمد سامى كان مدركا أن القوة الضاربة تكمن فى بناء قاس وصادم للشخصيات، والتوازن ليس داخل الشخصية الواحدة ولكن يتنوع كل الأنماط البشرية فى المسلسل، وأن السماء أيضا ستعاقب المجرم وستحنو فى نهاية الأمر على البرىء، خلطة من الحقد والعنف والدماء رأيتها فى بوتقة شفافة اسمها أحمد زاهر!!.