توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة تبدأ بعد التسعين

  مصر اليوم -

الحياة تبدأ بعد التسعين

بقلم:طارق الشناوي

كثيراً ما نردد أمثالاً تملؤها الحسرة مثل «بعد ما شاب ودوه الكُتاب»، والتي تعني فوات الأوان، والحصول على المراد بعد فقدان الاحتياج إليه، مثل جائزة «نوبل» التي برر جورج برنارد شو أسباب رفضها، وكأنه مثل من يصارع الموت في البحر ثم ألقوا له بطوق نجاة بعد وصوله لشاطئ الأمان، وعلق ساخراً: قد أغفر لألفريد نوبل اختراعه للديناميت، ولكني لن أغفر له أبداً إنشاءه لجائزة نوبل. رفضها فعلاً عام 1925. ووافق عليها في العام التالي، معتذراً فقط عن عدم قبول عائدها المادي.
هل الأحلام مثل الثمار تنضج على الأشجار وإذا فات وقت قطفها، تسقط على الأرض، وتسحقها الأقدام، أم أن هناك أحلاماً تنمو وتتغير لتواكب الزمن؟ قرأت على صفحات «الشرق الأوسط» عن عجوز إيطالي يفصله عن حاجز المائة أربعة أعوام، حقق حلمه القديم قبل أيام، وحصل على شهادة جامعية من قسم الفلسفة، ويعيش الآن أحلى سنوات عمره. مؤكد كان يقرأ طوال سنوات الدراسة هذا السؤال الذي يُطل في العيون وقبل حتى أن تنطق به الشفاه... هل الأمر يستحق كل تلك المعاناة قراءة وكتابة ومذاكرة وحفظاً وتوتراً وامتحانات؟
عندما نشاهد فناناً تجاوز مرحلة الشباب ويؤدي دور طالب نعتبرها مجالاً خصباً للضحك، فعلها عادل إمام أكثر من مرة، الأولى في بداية مشواره وكان قد تجاوز الثلاثين، ولعب دور طالب ثانوي في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، وكررها لاحقاً بعد أن اقترب من السبعين وأدى دور طالب جامعي في فيلم «مرجان أحمد مرجان»، طوال زمن المشاهدة ونحن نضحك، بينما على أرض الواقع ومع الإيطالي جوزي باترنو، كان الأمر يتطلب لإنجازه منتهى الجدية.
عندما نقترب من حافة النهاية ونشعر بضآلة ما تبقى لنا من الأيام، تزداد رغبتنا في الحصول على كل ما فاتنا تحقيقه، اكتشفوا أن بعض المرضى، عندما يصارحهم الطبيب بأن الرصيد أمامهم تضاءل، يقررون تحقيق كل ما تكاسلوا عنه في شبابهم، حتى لو كانت لياقتهم الصحية لا تسمح، مثل القفز بالمظلة من الطائرة.
الفنان الكبير إسماعيل ياسين، ظل في سنواته الأخيرة مبتعداً عن الشاشة السينمائية، وتقدم بعشرات الشكاوى للمسؤولين، ثم تحقق حلمه، وأسندوا له دوراً في فيلم «الرغبة والضياع»، إلا أنه وجد دوره يتقلص ومشاهده تتضاءل، حتى اسمه الذي كان في الماضي يسبق الجميع، اكتشف أنه سيكتب ببنط صغير على «الأفيش»، ولم يكمل «الدوبلاج» الصوتي للفيلم، ورحل وهو حزين ومكتئب لأنهم اغتالوا حلمه، على الجانب الآخر مثلاً نجيب الريحاني التقى في «الأسانسير» مع جارته في العمارة ليلى مراد، وقال لها: ألم يحن الوقت لنلتقي على الشاشة قبل أن أموت؟، وأخبرت أنور وجدي برغبة الريحاني فكتب قصة «غزل البنات»، وقبل أن يُكمل تصوير المشهد الأخير، رحل نجيب الريحاني، وأعاد أنور وجدي «المونتاج»، وأصبح الفيلم واحداً من أفضل عشرة أفلام قدمتها السينما المصرية طوال تاريخها.
هناك أحلام تخترق حاجز الزمن وأخرى يقتلها الزمن، توقيت تحقيق الحلم ليس بالضرورة هو الفيصل، والدليل جوزي باترنو، لم يسأل ما الذي ستمنحه لي الشهادة الجامعية، فقط نالها، وسيعيش ما تبقى له من سنوات أو حتى ساعات، أحلى لحظات العمر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة تبدأ بعد التسعين الحياة تبدأ بعد التسعين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon