بقلم : طارق الشناوي
هل يُحسب لمهرجان الأقصر إقامة هذه الدورة فى موعدها، رغم أن العالم كله، شرقه وغربه، جنوبه وشماله، يرجئ أو يلغى فى الوقت الراهن مثل هذه التظاهرات التى تتطلب حضورًا جماهيريًا؟!.
الأمر لا يقاس قطعًا على هذا النحو، لا هو نقطة لصالح المهرجان - أى مهرجان - لو تحدى خطرًا لا يستطيع أن يدرك أبعاده، ولا هو من الممكن أن يُحسب ضده لو تراجع بسبب الخطر.. كل مهرجان يتحرك وفقًا لإمكانياته، ويحدد مواقفه طبقًا لما لديه من أوراق.
لا أرتاح إلى عناوين دأبت الصحافة على نشرها فى الأيام الأخيرة تؤكد أن مهرجان الأقصر يتحدى أو يقهر (الكورونا)، فلا أحد يتحدى أو يقهر فيروسا، ولكن مع الفيروسات ندرس أبعاد الموقف، ونحدد المخاطر، ونضع كل الاحتمالات، ونلتزم بتحقيق أقصى درجات الأمان.. وأتصور أن هذا هو بالضبط ما راهن عليه رئيس المهرجان، سيد فؤاد، عندما قرر إقامته فى موعده، ولا يعتقد أحد أنه وحده يملك القرار، فلا تكفى إرادته ولا رغبته منفردة إذا لم تواكبها موافقات وضوء أخضر من جهات متعددة.
المهرجانات السينمائية بيئة صالحة لانتشار العدوى، وأيضا دور العرض، وغيرها من أماكن التجمعات، ولهذا فإن العديد من دول العالم ألغت المهرجانات التى كان مزمعًا عقدها، مملكتا السعودية والبحرين مثال، بينما (كان) الذى يُعقد بعد نحو 65 يومًا أعلن مؤخرًا عن اختياره لأفلام المسابقة الرسمية، فى إشارة واضحة لاستمراره، بعد أن تعددت الأحاديث عن تأجيله.. لدينا الشهر القادم مهرجان الإسماعيلية للسينما التسجيلية، تقيمه وزارة الثقافة.. المهرجان يواصل استعداده ولم يصدر رئيس المهرجان الناقد عصام زكريا ولا د. سعاد شوقى رئيس المركز القومى إلا ما يؤكد أن كل الفعاليات قائمة، ولا يوجد أى احتمال للتأجيل.
الأمن القومى المصرى يرحب باستمرار كل هذه الأنشطة، وبديهى أنه، وفى نفس الوقت، وضع الإجراءات الوقائية اللازمة من أجل حماية المهرجان ورواده.
لا توجد أبدًا فى مثل هذه القرارات أى مساحات من المخاطرة، ويظل الرهان على الوجه الآخر للصورة، وهم المدعوون، وما هو معلن فى مهرجان الأقصر أنه لم يعتذر أحد من الضيوف، وهو ما يؤكد أن الخوف من الخطر القادم لم يسكن بعد مشاعر الناس.
السينمائيون والدولة حسموا الأمر نهائيًا وقرروا إقامة المهرجانات، وتبقى مهرجانات أخرى غير محسومة بعد أن شهدت تراجعًا من نقابة الموسيقيين ووقوفها فى منطقة هلامية، قرر النقيب فى البداية المصادرة والمنع، ثم اكتشف أنه يستخدم مفردات لم يعد الرأى العام يتعامل أو يقبل بها ولا يقرها أيضا الواقع، فقرر أن يفتح الباب مجددًا مع وضع عدد من القيود وحذفَ من القاموس توصيف أغانى المهرجانات ومنحها اسما حركيا هو (الأداء الفنى)، وكأنه ينعتها بلقب (اللى ما تتسماش)، لم يستطع أن ينطق مباشرة بالاسم الذى سبق له مصادرته، فصارت (اللى ما تتسماش)، والنقيب يستجير بالرقيب.. النقابات فى العالم كله أنشئت لكى تقف على يسار الدولة، والنقيب عندنا - دونًا عن خلق الله - يغنى لها (يا حبيبى وحشتنى وعليك وغوشتنى)!