توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الديك «موريس» وحقه في الصياح

  مصر اليوم -

الديك «موريس» وحقه في الصياح

بقلم : طارق الشناوي

تعودنا أن نستيقظ على أغنية سيد درويش التي أعاد الأخوان رحباني وفيروز الحياة مجدداً إليها لينساب إلى مشاعرنا صوت «جارة القمر» وهي تردد «الحلوة دي قامت تعجن في البدرية - والديك بيدن كوكو كوكو في الفجرية - يلا بينا على باب الله يا صنايعية) صياح الديك مرتبط في العالم كله، ببداية النشاط والعمل.

الكل تضامن مع حق الديك «موريس» في التعبير عن نفسه، منذ أن يستيقظ كما تعود في الرابعة فجراً وحتى الثانية عشرة ظهراً، وربما أيضاً بعدها، العالم احتفل بهذا الحكم الذي أصدرته إحدى المحاكم الفرنسية، بعد مداولات قانونية استمرت نحو عامين، وانتصر القاضي في هذا الحكم الذي نستطيع أن نصفه بالتاريخي، للحق في التعبير، خلق الله الديك وله طقوسه التي تعودنا جميعاً عليها، بينما أحد الفرنسيين الذي انتقل من المدينة - حيث لا مجال لوجود الديوك بكثرة - للعيش في الريف، أراد أن يصنع الريف على مزاجه، متجاهلاً أن في القرية قانونها الخاص، حيث يتعايش الإنسان مع الحيوانات والطيور في ود وسلام، الحمار والبقرة والخروف والخنزير وأبو قردان والهدهد والكناريا وغيرهم لهم حقوق يجب الالتزام بها، أبناء القرى في العالم كله التزموا بكل هذه القواعد بمرونة وبساطة، لا يجدون قطعاً أي غضاضة على مدى 24 ساعة في سماع صوت نهيق الحمار أو صهيل الحصان، الوجود بالقرب مثلاً من حظيرة الحيوانات مهما بلغت درجات النظافة، لا يمكن أن تضمن بعدها أن رائحة الهواء في الريف تشبه رائحته في المدينة، أهل القرى تعودوا عليها، كما أن أهل المدينة أيضاً تعايشوا مرغمين مع هواء به درجة تلوث أكبر من الريف، بسبب انتشار العربات والمصانع وغيرها، ولا يجوز أن يطالب من جاء من القرية للعيش في المدينة، بمنع السيارات وإغلاق المصانع.

الديك «موريس» تجاوز بالحكم كل هذه المتناقضات، الإطار الدلالي، الذي توحد عليه الناس، هو أن حق التعبير الفطري يجب أن نحترمه، ولا يمكن أن نقف ضد الطبيعة، ثم ما هو البديل المتاح، لمنع الديك من الصياح، الحل الوحيد هو ذبحه، وما جرى لموريس سوف يلقاه أكثر من موريس، وأكثر من حصان وحمار، وتنتهي بعدها سلالة الدواجن والحيوانات الأليفة من العالم كله.

الحق في الحرية هو الذي أحال قضية تبدو خاصة جداً لتشغل العالم بأسره، قالها يوماً الشاعر صلاح جاهين في واحدة من رباعياته «يا عندليب ما تخافش من غنوتك - قول شكوتك - واحكِ عن بلوتك - الغنوة مش ح تموتك - إنما كتم الغنا - هو اللي ح يموتك).

الصياح للديك يعني في الذائقة الجمعية حق الناس لإبداء الرأي في كل القضايا الملحة التي يتعايشون معها، صياح (كوكو كوكو) هو بداية الحق في الحرية.

هذا الزمن فرض على الجميع قواعد جديدة، فلا يمكن أن تصادر رأياً لأن وسائط التعبير تجاوزت قدرة الدولة على المنع، عشت زمناً كانت الرقابة في الماضي تحول دون وصول إذاعة مثل «بي بي سي» البريطانية للمستمع المصري، حيث كان يرافق تردد تلك المحطة، صوت صافرة يمنعك من الإنصات إليها، ومع بزوغ الألفية الثالثة، سقطت تماماً تلك الصافرة، ولم يعد هناك شيء من الممكن أن يحول دون سماع صوت الديك «موريس».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديك «موريس» وحقه في الصياح الديك «موريس» وحقه في الصياح



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon