توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«يارا».. ورائحة الجنة!

  مصر اليوم -

«يارا» ورائحة الجنة

بقلم - طارق الشناوي

السينما العراقية يضعها «قرطاج» تحت المجهر.. ندوات ودراسات عن واحدة من أعرق المنصات السينمائية، ويبقى أهم تكريم لها هو اختيار فيلم (يارا) ممثلا للعراق داخل المسابقة الرسمية.

زاوية قراءة الفيلم يحددها المخرج، فهو يعقد منذ البداية مع المتلقى اتفاقا جماليا، لا تسأل عن الموقف الدرامى والحبكة وتصاعدها الظاهرى، ستكتشف أن كل شىء ينضج أمامك من خلال عناق الطبيعة بكل تنويعاتها ومفرداتها مع الحياة، الكاتب والمخرج عباس فاضل يمنحك هذا الإحساس الفطرى، حتى النيران التى تُنضج الأكل من الحطب، نعيش فى ضيعة نكاد نشم فيها رائحة الجنة، كما يتصورها الخيال البشرى، فاكهة وأعناب وجداول وأنهار وشلالات ونقاء، الكل يعيش فى سلام، وهكذا نشاهد أسراب النمل وهى تتحرك بحرية، فهى صاحبة حق فى الطبيعة، الجيران ليسوا جزءا من تلك الجنة، وهكذا نراهم لمَاما.

أماكن عديدة مهجورة تماما، حتى الكنيسة لا توجد فيها حياة سوى صوت الجرس، الله يسكن القلوب.

أسرة مسيحية مكونة من فتاة فى مقتبل العمر وكأنها حورية من الجنة تعيش مع جدتها العجوز التى تنتظر العبور للشاطئ الآخر، على الجدران بندقية قديمة وصورة السيدة العذراء مريم والمسيح عليهما السلام، المخرج لا يترك لمحة إلا ونجد هذا العناق مع الطبيعة، وبراءة الأطفال جزء من الحكاية، لا أتصور أن المخرج كتب حوارا ملزما لكل
الشخصيات، هناك لمحات خاصة تشعرنى أنه قد منح ممثليه مساحة تلقائية ليصبح الشريط السينمائى معادلا موضوعيا لتلقائية الطبيعة.

شاب يطرق باب (الجنة) ليحرك غريزة الأنثى، ترسم هى على الأرض مربعاً وتقف فى منتصف تلك المساحة وكأنها تعلن ممنوع الاقتراب، يضع على الخط الفاصل بينهما طلاء الأظافر الأحمر، ليبدأ معها خيط الأنوثة.

فى اللقاء الأول بينهما نراها تبدأ بنشر ملابسها، عندما تلمح قدوم الشاب تُخفى ملابسها الداخلية، لمحة بسيطة للفتاة التى نتابعها وكأنها تنضج أمامنا على الشاشة، ومع اقتراب النهاية تصعد فوق سطح البيت لتعانق بجسدها مكتمل الأنوثة الطبيعة.

لم يقدم المخرج علاقة جنسية ولا حتى بداية، لم يتجاوز الأمر عناقا وقبلة على الخد، بينما الشاب يريد الهجرة لأسرته فى أستراليا، الفتاة ترتبط بكل التفاصيل فى تلك الضيعة وترفض المغادرة.

يكرر المخرج لقطات الحيوانات والطيور وحتى الحشرات وهى تعيش فى وئام، بينما الجحيم هم الآخرون عندما يحاولون الاقتحام، وهكذا نرى أحد الجيران يطالبها بأن تُغطى جسدها، بينما هو يتلصص عليها وهى نائمة، وعندما تشعر به تَهُم بالإمساك لأول مرة ببندقيتها العتيقة التى تحتفظ بها لمواجهة الأعداء.

الطبيعة البِكر تظل بكرا، وعندما يحصل حبيبها على (الفيزا) للهجرة، لا تجد سوى صورة السيدة العذراء لتحتضنها.

المخرج يبحث عن النقاء فى كل شىء، وهكذا تأتى الصورة دائما وهى محملة بِبُعدى جاذبية الطبيعة والقدرة على الإمساك بالبراءة، وجمال التكوين الدرامى، لا شىء يلوث تلك البقعة من الأرض، لا تليفزيون ولا راديو ولا محمول، كل تلك المفردات هى أقرب إلى مواد صناعية لا مكان لها فى الجنة!.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يارا» ورائحة الجنة «يارا» ورائحة الجنة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon