توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أُم سيد» قهرت التنين

  مصر اليوم -

«أُم سيد» قهرت التنين

بقلم:طارق الشناوي

جلست «أُم سيد» ليس طبعاً على طريقة «قارئة الفنجان» لعبد الحليم حافظ «والخوف بعينيها» - حيث إن الخوف لا يمكن أن يعرف الطريق إليها - جلست وأمامها الجرائد والمجلات، كما تعودت قبل أكثر من 30 عاماً، وكأن «التنين» أقصد طبعاً عاصفة «التنين» التي أزعجت الملايين ودفعت الحكومة المصرية لاتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية.

 

أشاهد هذه السيدة مع بضاعتها على الرصيف، رغم أن الأوراق هي الضحية الأولى لسقوط الأمطار، نادراً ما تجد باعة الجرائد يجوبون الشوارع مثلما كنا نراهم في الماضي، ووثقتهم أفلامنا القديمة، بل وأغنية شهيرة شاركت ماجدة في غنائها عنوانها «أهرام أخبار جمهورية»، أم سيد لا تنادي على الجرائد، لأن الكل يعرف موقعها الاستراتيجي، تغادر بيتها كعادتها مع نسمات الفجر لكي تلتقط رزقها اليومي، المعروف أن عدد منافذ توزيع الصحف في السنوات الأخيرة قد تضاءل كثيراً، وأغلبهم تحول إلى مهن أخرى بعد اختفاء الزبائن، ولكنها صامدة في موقعها، إنها الوجه المألوف للجميع، صارت مع الزمن واحدة من أهم معالم الشارع، لا تقرأ ولكنها تعتبر بالنسبة لي «الترمومتر» الأول لحالة قراءة الجرائد والمجلات، حي «المنيل» بالقاهرة، باعتباره مكاناً لتجمع الطبقة المتوسطة تستطيع من خلاله اكتشاف توجه الناس، وبالخبرة باتت لديها وجهة نظر معتبرة في تحديد ما الذي يفضله القراء، طريقتها في ترتيب البضاعة تدرك من خلالها ما هي الجريدة «نمبر وان»، تعلم أن بعض الجرائد لديها يوم مميز في الأسبوع تحقق فيه ذروة المبيعات، ولهذا من الممكن أن تعيد ترتيب «فرشة» الجرائد طبقاً لهذا المؤشر «الزئبقي».
لا تملك دكاناً ولا كشكاً، مجرد عدد من أوراق الكارتون تضعها أمامها، كما تستعين، ببعض الأقفاص المتهالكة، لكي ترتب فوقها الجرائد، وعندما تزداد قوة هطول الأمطار تحتمي بسقف محل الفاكهة الملاصق لها، قلت لها أنت تتحدين، «التنين»، لم تألف بعد الكلمة، ولكنها التقطت المعني وقالت «ولا مليون تنين»، صارت هذه السيدة واحدة من أهم مفردات يومي، هناك جرائد تصل مساء وأخرى صباحاً، ولا أحد يساعدها، فأصبح علي أن ألتقط يومياً جرائدي، فأنا لا أزال من حزب القراءة الورقية ولا ألجأ إلا فقط للضرورة للمتابعة عبر المواقع الإلكترونية، أعلم أني صرت من فصيلة في طريقها للانقراض، ولكن هي عادتي ولم أشترِها، ولا أتصور أنني من الممكن أن أقلع عنها.
هل مارسنا حياتنا على طريقة «أُم سيد»؟، مع الأسف أغلبنا يتحسس الطريق، ويجد ألف عذر مقبول أو غير مقبول للبقاء في البيت، العاصفة التي جاءت لمصر كشفت الكثير من عيوبنا، وهي أننا نبحث عن أي «شماعة» لنتحرر من الالتزامات والواجبات، لا نتمتع بمرونة كافية لمواجهة أي ظرف طارئ، أول قرار نتخذه هو أننا سنلتقي بعد «التنين»، حتى لو كان الأمر عاجلاً، وكأننا لو لم نجد «التنين» عليها لاخترعناه.
الشمس بدأت منذ يومين في التعبير عن نفسها بجرأة أحياناً وخجل أحياناً، بينما «أم سيد» في كل الأحوال لا يثنيها عن أكل عيشها لا زمهرير البرد ولا وهج الشمس، لا تقرأ ولا تكتب إلا أنها تقرأنا وتكتبنا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أُم سيد» قهرت التنين «أُم سيد» قهرت التنين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon