بقلم : طارق الشناوي
لا يزال الممثل أحمد شاكر يكرر فى كل أحاديثه أنه فى انتظار تجسيد حياة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، الفكرة بدأت قبل ثورة 25 يناير بأشهر قليلة، بمشروع فيلم كتب ملخصه عاطف بشاى واستعد على عبد الخالق لإخراجه، وكان المحور هو الضربة الجوية، سبق لأحمد زكى بعد عرض فيلم (السادات)2001 والذى أعجب به مبارك، ومنح المخرج محمد خان والكاتب أحمد بهجت والأبطال أحمد زكى وميرفت أمين ومنى زكى وأحمد السقا أوسمة الجمهورية، سبق لأحمد أن أعلن فى عشرات من اللقاءات أنه سيقدم فيلما عن حياة مبارك، مستندا إلى الضربة الجوية، أتصور أن الأمر بالنسبة لأحمد زكى كان يقع فى إطار الحرج الأدبى، طالما جسد ناصر والسادات بديهى أن يعلن أنه سيجسد حياة مبارك.
شاكر هو المحطة التالية، بعد رحيل أحمد زكى بخمس سنوات، مستندا لوجود قدر من التشابه فى الملامح بينه وبين مبارك، المفروض أن التليفزيون المصرى فى عهد وزير الإعلام الأسبق أنس الفقى كان بصدد تنفيذ الفيلم، خاصة أنهم فى منتصف التسعينيات أنتجوا فيلم (حائط البطولات) إخراج محمد راضى، والذى أثار غضب مبارك ولهذا لم يُفرج عنه إلا 2014، وكانت التعليمات المباشرة وقتها بعدم الإشارة إعلاميا أساسا إلى الفيلم، لأنه يمجد بطولة قوات الدفاع الجوى وقائدها المشير الراحل محمد على فهمى، بينما المتداول رسميا هو اختصار حرب 73 فى الضربة الجوية.
لا أستطيع أن أجزم هل كان مبارك حقا يريد تقديم فيلم يتناول حياته، لو كان ذلك صحيحا فلماذا لم يفعلها طوال مشوار حكمه الذى طال أكثر مما ينبغى (30 عاما)؟، هل كان مترددا؟، أظن هذه هى الإجابة الصحيحة (حبة فوق وحبة تحت)، إلا أنه كان قد حسم أمره قبل ثورة يناير مباشرة، ووافق، والدليل أن كل الجرائد أشارت لاقتراب التصوير، ولا يحدث ذلك عادة إلا بعد استئذان مؤسسة الرئاسة.
ما هو مصير مشروع فيلم (مبارك)؟، المعالجة الدرامية ستتغير، ومبارك يملك، باعتباره مواطنا، الاعتراض، مشروع الفيلم أراه مستحيلا، لأنه قطعا سيتعرض لثورة يناير ولمشروع التوريث وغيرهما من الموضوعات الشائكة، ولا تزال هناك أسرار وتفاصيل عديدة تحيط بهذه الملفات، وبين الحين والآخر تظهر أوراق تبرئ تماما ساحة مبارك من اتهامات طالته، وأخرى تدينه فى اتهامات وبأحكام نهائية.
سبق قبل نحو عامين أن صور المخرج محمد سامى فيلم (سرى للغاية) عن ثورة 30 يونيو، للكاتب وحيد حامد الذى اكتشف كثيرا من الإضافات والمحذوفات طالت السيناريو فطالب بحذف اسمه، التاريخ المعاصر الذى نعيش تفاصيله من الصعب أن نرويه وهو لا يزال يتشكل، كل يوم تظهر حقائق تغير ما اعتبرناه غير قابل للتغيير، وقبل أن نطمئن لرواية ونوثق تفاصيلها تظهر رواية ثانية تلغى تماما الأولى وتفضح كذبها، ولكن هيهات ستظهر ثالثة بعد قليل تفضح كذب الثانية.
أحمد شاكر لا يكف عن الحلم، وهو يشغل حاليا موقع رئيس المسرح القومى، وفى يده مثلا أن يقدم مبارك فى مسرحية، ولكن لا مبارك من الممكن أن يوافق وهو يدرك أنه لم يعد يملك القرار فى كل التفاصيل، ولا الدولة أيضا ستمنح ضوءا أخضر، ولكن أحمد شاكر المبتعد حاليا عن الخريطة الدرامية لا يملك سوى أن يتشبث بحلمه المستحيل.