بقلم : طارق الشناوي
أثناء إعداد سعد الدين وهبة لسيناريو (ثومة)، كان مرشحًا لإخراجه يوسف شاهين.. الفكرة بدأت عام 64، يوسف أحد مجاذيب صوت (الست)، ولا ينافسها عند (جو) سوى صوت الشيخ رفعت.
تحدثت أم كلثوم عن كل شىء، من طبق المهلبية الذى كانت تحلم بالتهامه، حتى فيلا أم كلثوم، الفقر اعتبرته وسامًا على صدرها، الشائعات التى وصلت لنهش عِرضها أفاضت فى الحديث عنها، الشخصيات التى التقتها بحلوها ومُرها لم تجد بأسًا من التوقف عندها، شىء واحد رفضت أن يقترب أحد منه، قلب أم كلثوم، استعان سعد وهبة بوزير الثقافة ثروت عكاشة فى محاولة أخيرة لانتزاع أى اعتراف، جاءت إجابة أم كلثوم حاسمة وصارمة وصادمة: (بعد ما أموت، اكتبوا إللى أنتم عاوزينه)، وتوقف المشروع، وإن كانت كاميرا يوسف شاهين صورت العديد من حفلات أم كلثوم، قدم أجزاء منها فى فيلمه (حدوتة مصرية).
بعد رحيل أم كلثوم شاهدنا مسلسل (أم كلثوم) لأنعام محمد على، وفيلم (كوكب الشرق) لمحمد فاضل، ولم يقترب أى منهما إلى حقيقة مشاعر أم كلثوم كامرأة.
سجلت أم كلثوم عام 73 مشوارها مع الإذاعى وجدى الحكيم، وأيضا تحفّظت على الاقتراب من تلك المنطقة الشائكة.
أغلب المذكرات التى أدلت بها الشخصيات العامة يعوزها الصدق العاطفى وأحيانا السياسى.. قبل نحو خمس سنوات التقيت فى مهرجان الإسكندرية السينمائى بالنجم السورى الكبير دريد لحام، وتطرق بنا الحوار لضرورة أن يكتب مذكراته، فقال لى بلهجة قاطعة: (لم ولن أكتب مذكراتى).. قالها وملامحه تفيض حيوية وشبابًا، كان دريد وقتها قد وقف على شاطئ الثمانين، إلا أن حضوره وسرعة بديهته تخصم على الأقل من شهادة الميلاد نصف هذا الرقم، وأضاف: (أنا أعيش الحياة، وأقدم إبداعا على الشاشة فلا وقت للمذكرات، ومن يرد أن يعرفنى يستعد شريطى الفنى الموثق بالصوت والصورة).
حياة دريد شهدت الكثير من أحداثٍ مرت بها سوريا، كان ولا يزال شاهد إثبات على العديد من كواليسها وكوابيسها، أختلف سياسيًا كما شئت مع دريد، فأنا لى معه مساحات من التباين، لأنه يراهن دائمًا على السلطة الحاكمة، مهما اشتطت فى عنفها ضد المعارضة، إلا أن هذا لا يمنعنى من التأكيد على أنه صار أحد أهم المكونات الرئيسية للروح السورية على مدى تجاوز 60 عاما.
كان أيضا الراحل د. محمد عبدالوهاب أستاذ الأشعة وأرمل السيدة فاتن حمامة قد رفض تمامًا فكرة تقديم حياة سيدة الشاشة فى مسلسل أو فيلم، أكد لى أنه لن يكتب مذكراتها ولا حياته معها، واعتبر ذلك منطقة محرمة، رغم أنه عاش 40 عامًا زوجًا لها، فهو ثالت أزواجها بعد المخرج عزالدين ذوالفقار والنجم عمر الشريف، ابن وابنة فاتن شاركاه الرأى، طارق الشريف ونادية ذو الفقار لا يرحبان بتقديم أعمال فنية عن فاتن.. وكانت تلك أيضا رغبتها، فهى لم تكن حريصة على كتابة مذكراتها، ولا إقامة حتى سرادق عزاء.. بينما سمير صبرى فى كتابه الأخير (حكايات العمر كله) باح بالكثير سياسيًا وعاطفيًا، فهو الاستثناء الذى يؤكد أن القاعدة هى قلوب المشاهير مغلقة على كل الأسرار (بالضبة والمفتاح