بقلم : طارق الشناوي
روى الأستاذ سامى شرف مؤخرا تلك الواقعة.. إحدى الشخصيات التى كان يعمل لها ألف حساب فى زمن عبدالناصر أخذ من الموسيقار محمد عبد الوهاب عنوة بعض التسجيلات النادرة، وبعد أن أوصل سامى شكوى عبدالوهاب لعبد الناصر عادت إليه.
هل كان وزير (الدفاع) الحربية سابقا شمس بدران هو المقصود؟.. هناك ألحان نادرة صاغها عبدالوهاب وغناها بصوته تصل إلى نحو 40 لحنا، أنجزها فى منزل الفريق شمس بدران، والتى أشار إليها فى مذكراته قبل بضع سنوات، لن نتوقف فى هذه المساحة عما يحيط مذكرات وزير الدفاع المصرى الأسبق من ملاحظات سلبية أدت لمنع تداولها، ما يعنينى هو فقط تلك الألحان التى سجلها عبدالوهاب على العود، هذا الكنز النادر أبدعه الموسيقار الكبير فى النصف الأول من الستينيات، وهى المرحلة التى كان فيها صوته فى ذروة اكتماله وعنفوانه، حيث كان يذهب مرغمًا إلى منزل بدران ليسجل قصائد وأغنيات من شعر بشارة الخورى وكامل الشناوى ومحمود حسن إسماعيل وغيرهم، بل إن حلمه باستكمال أوبريت «مجنون ليلى» لأمير الشعراء أحمد شوقى قد حققه، حيث غنى تلك القصائد بصوته. شمس لم يتعاقد على صفقات تجارية يبيع بمقتضاها لأى شركة هذه الألحان التى لا تقدر بالطبع بثمن.
لا أدرى لماذا لم يستشعر أحد بأننا نفرط فى جزء من تاريخنا، وأن هذا التراث ليس ملكًا حتى للورثة الشرعيين ولكنه ملك لكل العرب، فهل تُشكل د. إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة لجنة مهمتها عودة تلك الأغنيات إلينا؟.
البعض يقلل من قيمة هذه الألحان، على اعتبار أن عبدالوهاب أبدعها وهو واقع تحت سطوة الرجل القوى فى مصر، أتحدث بالطبع عن مرحلة ما قبل هزيمة 67 فهى ألحان أنجزها تحت التهديد حتى لا يغضب السلطة، وتناسى هؤلاء أن رائعة «أنت عمرى» التى لحنها عبدالوهاب لأم كلثوم عام 1964 والتى وصفت بأنها «لقاء السحاب» تم إنجازها بناء على أوامر مباشرة من الرئيس جمال عبدالناصر إلى عبدالوهاب وأم كلثوم، وهو ما أكده أيضا سامى شرف مؤخرا، رغم أن عبدالوهاب أنكر تماما هذه الرواية
وقال إن عازف الكمان الشهير أحمد الحفناوى كان هو صاحب الخيط الأول للقائه مع (الست).
كان عبدالوهاب أثناء حياته لا يشير أبدا من قريب أو بعيد إلى تلك الألحان، إلا فقط مرة واحدة وعلى استحياء، وفى حوار له مع الشاعر فاروق جويدة بعد أن طلب منه أن ينشره بعد رحيله، ولكنها ظلت مجرد كلمات مرسلة حتى أكدتها مذكرات شمس بدران، ومؤخرا كلمات سامى شرف. المعلومات المتوافرة عن الفريق بدران حاليا شحيحة جدا، ولكن من المؤكد أن الدولة تستطيع أن تتواصل معه أو مع الدائرة القريبة منه فى لندن، حيث يتردد أنه ليس فى حالة صحية تمكنه من التجاوب مع الجميع، فى كل الأحوال هى ثروتنا الغنائية، وعلى الدولة أن تستعيدها، ولو كان لنقابة الموسيقيين دور فينبغى لها القيام به، فهو العثور على هذا الكنز الثمين بدلا من تبديد طاقتها فى مطاردة طواحين الهواء.. أقصد طبعا (مطربى المهرجانات)!!.