بقلم : طارق الشناوي
قال لى المخرج محمد خان إنه عندما دعاه الرئيس الأسبق حسنى مبارك للتكريم ومنحه وسام الجمهورية بعد فيلمه (السادات)، قال له وهو يستقبله فى القصر مع أحمد زكى وميرفت أمين وأحمد السقا ومنى زكى (شفت الفيلم وكنت فاكر نفسى ح أنام، ما نمتش).. مبارك لم يكن لديه شغف فنى مثل السادات وعبدالناصر، وإن كان هذا لا ينفى قطعًا سعادته بالأوبريت الذى كانت تُسخّر له كل إمكانيات الدولة لكى يقدم فى أكتوبر من كل عام، ظهور مبارك فى فيلم (وداع فى الفجر) عام 56، يدخل فى إطار التكليف من قبل القوات المسلحة، ولم تكن الأجهزة - فى مرحلة ولايته- ترحب بعرضه، لم نلحظ فى مواقفه الشخصية أى مزاج فنى، بينما ناصر ينطبق عليه تعبير (سميع)، فهو كلثومى الهوى، وهذا يفسر العدد الكبير لتسجيلات أغنية (أروح لمين)، وكانت أغنية الرئيس المفضلة، فتقدمها له فى الوصلة الثالثة من الحفل، كما أنه صور أفلامًا عائلية بكاميرا (8 ملليمترات)، ويشاهد فى بيته مساء الأفلام الشهيرة، بل حضر فى منتصف الخمسينيات افتتاح فيلم (عهد الهوى) نيابة عن فريد الأطرش، الذى كان قد أصيب بمتاعب صحية حالت دون حضوره العرض، فاستجاب عبدالناصر لطلبه، وقال لى وزير الإعلام الأسبق الأستاذ محمد فايق، إنه عندما ذهب إلى دمشق بعد الانفصال 62 وسأل الرئيس عن التوجيهات، قال له إن عليه تذليل كل الصعوبات من أجل إقناع صباح بالعودة للغناء فى مصر، وكتب فى شبابه نصف قصة (فى سبيل الحرية).
السادات كان يغنى فى جلساته الخاصة، وتقدم كوجه جديد لأكثر من شركة إنتاج سينمائية، مثل عزيزة أمير، وأيضا أمينة محمد، ولكنهم وجدوه ليس (فوتوجينيك)!.مبارك لن تجد فى تاريخه تلك اللمسة، وإن كان بحكم موقعه تعرّض لعدد من المواقف، مثلا فى فيلم (زواج بقرار جمهورى) احتاج قرار الموافقة إلى استئذان الرئاسة، وشاهد جمال مبارك الفيلم.
أتصور أن (طباخ الرئيس) ما كان من الممكن أن يُعرض بدون ضوء أخضر من مبارك، كان هناك جزءٌ ثانٍ أعده طلعت زكريا باسم (حارس الرئيس)، وافق عليه فى جلسة خاصة مع طلعت.. مثل هذه الأفلام تجد ترحيبًا لأنها تمجد الرئيس وتلقى بمسؤولية الفساد على الحاشية.عادل إمام قال إن مبارك كان داعمًا للسماح بفيلمى (الجردل والكنكة) و(السفارة فى العمارة) رغم اعتراضات الرقابة، كما أنهم سمحوا لمحمد صبحى على المسرح بتقليد مبارك.. فى البداية لم يستأذن صبحى ولكن بعد العرض، تدخلت الأجهزة، وبعد جدلٍ وافقت.
كانت هناك مساحة ممكنة من الانتقاد وجدناها فى أفلام مثل (حين ميسرة) و(هى فوضى)، وهو ما دفع بعدها الرقابة للتشدد فى كل ما يتعلق بتقديم صورة الشرطة، الرقابة لم تكن تسمح بالتعرض للتوريث، وإن كان فيلم (الديكتاتور) قد تلامس معها من بعيد لبعيد فى إطار رمزى لدولة أطلق عليها (بمبوزيا).. ويبقى سيناريو (ابن الرئيس) تأليف يوسف معاطى، وإخراج عمرو عرفة، ورشح له عادل إمام ومحمد إمام.. دخل السيناريو للرقابة قبل ثورة 25 يناير ولم يخرج منها حتى الآن!!