بقلم : طارق الشناوي
ما الذى يعنيه أن يغنى حمو بيكا فى احتفالات أكتوبر سوى اعتراف رسمى من الدولة؟ بعد ساعات وربما قبل ساعات، ليس لدىَّ يقين، سوف يتبادل الناس على (السوشيال ميديا) أوبريت عن أكتوبر وضع موسيقاه عمر كمال (مصر حكاية)، يشارك فى غنائه حسن شاكوش مع كل من مدحت صالح وهشام عباس ومحمد فؤاد ووائل جسار وآخرين. تناقض صريح بين موقف هانى شاكر المتشدد فى الإصرار على منع مطربى المهرجانات من الغناء، والموقف الرسمى من الدولة بالسماح لهم بالغناء فى أهم احتفال وطنى.
هل النقابة تمثل فقط نفسها أم تعبر عن توجه الدولة؟! فى الأيام الماضية كان النقيب يعقد جلسات ممتدة إلى ما بعد منتصف الليل لمعاقبة مطربى المهرجانات، ووضع فى مقدمة أهدافه الاستراتيجية معاقبة عمر كمال وحسن شاكوش، بعد أن اخترقا قرار الحظر المفروض عليهما، واعتبرا قرار النقابة ملزمًا فقط للنقيب ومجلس النقابة، وغنيا فى تونس، وبعدها فى أكثر من مدينة عربية. الغريب أن نقيب الموسيقيين فى تونس، بعد أن وعد «هانى» باتخاذ اللازم ومنعهما، اتضح أن اللازم الذى كان يقصده هو أن يحضر حفل التكريم الذى أُقيم لهما، فى تونس!!.
لم يصدر عن النقابة المصرية شىء حتى الآن، ولا أظنها قادرة حتى على التعقيب، لن يتمكن قطعًا «هانى» هذه المرة من الإقدام على تفعيل قرار النقابة والتحقيق مع كل مَن شارك فى الغناء مع «عمر» و«شاكوش»، مثلما استدعى، قبل أسابيع قليلة، المطرب أحمد سعد، بعد أن قدم (دويتو) مع حسن شاكوش، ولم يوقف تنفيذ العقاب بحرمان «سعد» من الغناء إلا بعد أن أعلن أنه ارتكب (غلطة وندمان عليها)، وتعهد بعدم تكرارها. هل يجرؤ النقيب امتثالًا للقانون أن يحقق مع هذا العدد الضخم من المطربين الذين اخترقوا هم أيضًا قرار الحظر الذى وضعته النقابة؟! أتصور أن النقابة هذه المرة ستعتبر نفسها من (بنها)!!.
الفنان الكبير لا يصلح بالضرورة لاعتلاء كرسى النقابة، خاصة عندما يغيب عنه البُعد الاستراتيجى، كان على «هانى» إدراك أن لديه قطاعًا من الجمهور يمثلون القسط الأكبر من الشباب يتعاطون مع تلك الأغنيات، فكيف يستطيع أن يمنع تداولها؟!
النقيب لم يستطع أن يضع حدًا فاصلًا بين كونه مطربًا له ذوق وطبيعة خاصة، وما يجرى حقيقة فى الشارع. هو يرفض الاعتراف بما حدث فى الدنيا، ولا يزال يعتقد أن النغمة التى كان يرددها قبل نصف القرن هى فقط الصحيحة، وما دون ذلك هو الزيف والبهتان، وربما لو أدرك أن (ترمومتر) المشاعر تغير لاستطاع أن يعود بأغانيه مجددًا إلى الشارع.
الفن ديمقراطى، ولا يمكن لأحد تزوير الصندوق الانتخابى الشفاف بطبيعته. على النقابة أن تسعى لخلق مناخ صحى، يتيح ممارسة المهنة للموهوبين، بعد أن تقلصت المنافذ أمام القسط الأكبر من الفنانين، بينما نقابتنا مشغولة بمعارك هامشية، كانت قبل عامين حريصة على أن تحدد طول فستان المطربة بعدد لا يتجاوزه من السنتيمترات فوق الركبة، وفشلت فى المعركة، فتوجهت بكل ثقلها إلى فتحة صدر الفستان، وفشلت أيضًا!!