بقلم : طارق الشناوي
فى مثل هذه الأيام ارتدى الموسيقار د. محمد عبد الوهاب بذلته العسكرية وكتفه مرصع بمقص ونسر ذهبيين تشير إلى أنه يحمل رتبة اللواء، حيث استقبل الرئيس محمد أنور السادات فى المطار بعد توقيعه اتفاقية (كامب ديفيد)، السادات بطبعه فنان عاشق للنغمة واللقطة، ولهذا وجدها منطقية جدا لتغيير سلامنا الوطنى من (والله زمان يا سلاحى) الذى ظل مصاحبًا لنا منذ 1960 حتى 1979، بديهى، السادات أراد تقديم رسالة مباشرة لإسرائيل بأننا سنوقف أى نبرة تحمل الرد بالقوة العسكرية، قدم لهم السبت على أمل أن يردوا له الأحد ويغيروا نشيدهم الوطنى الملىء بالعداونية ولكنهم كعادتهم أخذوا السبت، واستولوا أيضا مجانا على باقى أيام الأسبوع.
فى حياتنا أسئلة عالقة بلا إجابات قاطعة، قبل نحو أسبوع كتبت (من كتب فيلم السادات؟) رواية الكاتب الكبير إبراهيم عيسى تؤكد أن له النصيب الأكبر فى السيناريو الذى شاهدناه منسوبا على الشاشة إلى الكاتب الكبير احمد بهجت، على المقابل إبراهيم لم ينف أن هناك بصمات لكل من الكاتبين الكبيرين على سالم ومحفوظ عبد الرحمن، وألمح إلى أن نصيب على سالم من ناحية تقنية بناء السيناريو أكبر من محفوظ. بعدها جانى تليفون من الرقيب د. خالد عبد الجليل يؤكد انه على الأقل له نصيب يربو على 30 فى المائة من السيناريو الذى شاهدناه، طلبت منه أن يوضح الأمر لإبراهيم عيسى، فقال إبراهيم يعلم وأن لديه شاهد إثبات هو المنتج الفنى للفيلم فى تلك السنوات حسين القلا.
وتردد فى المحادثة التليفونية اسم المخرج طارق العريان، وأيضا اسم الكاتب الراحل محمد حسان، أتذكر أننى التقيت حسان مرة واحدة، وقال لى إنه بالفعل شارك فى كتابة فيلم السادات ولم آخذ كلمته وقتها على محمل الجد، السؤال تعرض لإجابات مختلفة، وبعضها متناقض، بالنسبة لى السؤال اللغز على أهميته ليس من كتب السادات؟ ولكن كيف يقبل مبدع كبير بحجم الأستاذ أحمد بهجت أن يكتب اسمه ويحصل على أجر وعلى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، بينما هو فعليا (كاتب ما كتبش حاجة).
وأعود للسؤال الأول من تولى مسؤولية التوزيع الموسيقى لنشيد (بلادى بلادى)، اللحن موثق لسيد درويش والكلمات للشيخ يونس القاضى، ولكن التوزيع مؤكد ليس لعبد الوهاب، ولكنه فى الأغلب لعازف الأكورديون والملحن الراحل مختار السيد، الذى لم ينل حظا كبيرا من الشهرة، وكان فى السابق واحدا من أفراد فرقة الموسيقى العسكرية التى تصاحب دائما الرئيس وتشارك فى كل الملمات الوطنية الاحتفالية.
الموسيقار محمد عبد الوهاب لم يوزع موسيقيا ألحانه وهذا قطعا لا يعيبه، أغلب جيله والتالين له أيضا لم يوزعوا ألحانهم التى تستند لدراسة علمية لم يحصلوها، الوحيد من الجيل الماضى الذى تعلم التوزيع فى السنوات الأخيرة من حياته هو بليغ حمدى.
لماذا نخشى ذكر الحقيقة وكأنها سر عسكرى؟، إنه سؤال مشروع وتوثيق مطلوب من الدولة أن تحدده بدقة، كل المؤشرات تؤكد أن مختار السيد هو الجندى المجهول، الذى تواجد بالفعل على أرض المطار عند استقبال السادات، ولكنه كان يقف بعيدًا عن الكادر.. فهل لدينا الجرأة لإعادته الآن للكادر؟!