بقلم : طارق الشناوي
في يوم المرأة العالمى بدأت أقرأ استهجانا لتعبير بات شائعا على كل الألسنة يحمل قدرا لا ينكر من التبجيل والاحترام للمرأة، عندما نصفها بأنها بـ(100 راجل)، الجملة يحملونها بظلال أخرى، باعتبارها دليلا على نظرة دونية للمرأة.
قبل نحو 65 عاما أراد الشاعر والكاتب الكبير كامل الشناوى توجيه تحية للسيدة فاطمة اليوسف، بسبب المواقف الوطنية التي اتخذتها في نضالها من أجل فتح نوافذ الحرية، وعندما تم إلقاء القبض على إحسان عبدالقدوس لم تطلب من عبدالناصر الإفراج عنه، بل ظلت تدافع عن الحرية، حتى لو كان الثمن هو اعتقال ابنها، كان عنوان مقال كامل الشناوى (امرأة بـ 100 راجل)، اعترضت فاطمة اليوسف على العنوان، وقالت إنها تنتظر أن تقرأ مقالا يُصبح عنوانه (راجل بـ100 امرأة).
قطعا الثقافة المصرية الشعبية عندما تريد أن تطعن رجلا تقول إنه ابن امرأة، مع حذف حرفين حتى يصل المعنى المباشر، وفى المديح يصبح (راجل ابن راجل) متجاهلين تلك التي حملته تسعة أشهر!!.
في مسلسل (الأسطورة) عندما أراد محمد رمضان الانتقام من غريمه ألبسه زى امرأة، بعدها بأسبوعين تكرر الأمر واقعيا في مدينة الفيوم، وكالعادة تحمل المسلسل الذنب، رغم أن الكاتب أخذها من العادات والتقاليد، التي تعتبر أن العقاب المهين للإنسان هو أن تنعته بلقب امرأة، حتى في علاقات العمل، إذا عقد اتفاقا جديا يتم إنهاؤه بتلك الجملة (اتفاق رجالة)، حتى لو كان اتفاقا نسائيا.
ثقافة متفشية تجعلنا نخشى حتى من ذكر اسم الأم، مثلا كاتب كبير وكنا في طريقنا لمهرجان (دمشق السينمائى)، قبل نحو 15 عاما، ولا توجد تأشيرة، ولكنهم يطالبوننا بملء بيانات عند الوصول بينها اسم الأم، رفض الكاتب الكبير أن يبوح باسم أمه، وكادوا يعيدونه للقاهرة قبل أن تتدخل سلطة أمنية كبيرة، بعد الحساسية المرضية التي أصابته، رغم أن كل ما قدمه لنا من أعمال عظيمة كانت تتناول تحرير المرأة وحقها في اعتلاء أعلى المراتب والوظائف!!.
صلاح جاهين عندما أراد التعبير عن المساواة قال (البنت زى الولد ما هياش كمالة عدد)، عدد من النساء غضبن، قائلات كان عليه أن يقول (الولد زى البنت)، الولد عليه أن يتطلع للمساواة بالبنت.
في يوم المرأة قطعا علينا أن نسعى لإرضاء المرأة، بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة، وأن نغض الطرف عن أي شىء آخر، المشكلة هي تلك الحساسية التي زاد معدلها في السنوات الأخيرة، والذى يزيد الأمر صعوبة هو سوء الظن، ومحاولة البحث عن ظلال أخرى تكمن وراء معانى الكلمات، مهما كان الأمر مغلفًا بحُسن النية، كامل الشناوى وصف قبل عقود من الزمان فاطمة اليوسف أنها بـ(100 راجل)، فأعلنت غضبها، وإذا عكست الآية وقلت هذا الرجل بـ(100 امرأة)، سيغضبن أكثر، قائلات كيف لرجل أن يرقى لمستوى امرأة، بل ويصبح بـ100؟، ولو اجتهدت أكثر واعتبرته بـ مليون (تبقى يا داهية دُقى)، أخشى أنها بالفعل (دقت)!!.