بقلم : طارق الشناوي
بعد انتظار طويل استنفد عمر الكاتب د. أحمد خالد توفيق شاهدنا جزءا من سلسلة (ما وراء الطبيعة)، إخراج عمرو سلامة وإنتاج محمد حفظى، تمنيت أن يسعد بهذا النجاح الاستثنائى صديقى د. خالد، الذى عاش على حلم أن يرى أعماله الأدبية على الشاشات، فهى تملك كنوزا من سحر الخيال، فهو يكتب عن نفسه راصدا خياله، فهو جزء من شخصية البطل الطبيب رفعت إسماعيل، الأحلام والكوابيس تسيطر على (البورتريه) فأنت لا ترى ملامحه ولكن أفكاره، شاهدت الحلقات الأولى فى تلك السلسلة.
فى آخر الكتب التى أصدرها (أفلام الحافظة الزرقاء) فوجئت بأن د. خالد يكتب فى المقدمة إهداء لى بين عدد محدود من نقاد السينما الذين فتحوا أمامه أبوابا مغايرة فى تلقى الفن، منصة (نتفليكس) منحته دائرة أكثر اتساعا مما كان يحلم به تجاوزت عالمنا العربى، العمل لديه إمكانيات (الدبلجة) ليس فقط للغات ولكن أيضا اللهجات، حتى ذوو الهمم كما تعودنا أن نطلق عليهم، تمنحهم شاشة (المنصة) إمكانيات متعددة لتجاوز كل تلك العوائق. منذ التسعينات وأحمد خالد يحقق أعلى أرقام التوزيع فى البيع، ويتلقى بناء على ذلك أقسى وأقصى الضربات الدامية عقابا له على انتصاره الرقمى، مع الأسف، هناك قدر من التنمر يطل بوجهه بين الحين والآخر، خاصة ممن يمارسون نفس المهنة، البعض يعتقد أنه (الترمومتر) والكل يجب أن يخضع لمقياسه الذاتى، من حق جيل الشباب أن يتوجه إلى نوع مغاير من الأدب يعبر عنه مثلما يحقق الآن أحمد مراد، أدبيا وسينمائيا، التقييم حق طبعا للجميع ولكن الإنكار التام للحقيقة هو آفة هذا الزمن.
(ما وراء الطبيعة) يحمل كعمل روائى كل أسباب الجذب لتقديمه دراميا، الحب والرغبة والانتقام والتسامح والرعب، كلها مفردات جاذبة للتعبير عنها بالصورة والصوت، استوقفنى اختيار المخرج لكل أبطاله خارج الصندوق بداية من البطل أحمد أمين الذى نعرفه غالبا فقط فى الأداء الكوميدى، وشاهدت له عددا من الحفلات فوجدته أيضا بارعا فيما يمكن أن نُطلق عليه (ستاند أب كوميدى) ورأيت أيضا بداخله ممثلا موهوبا، وهو الملمح الأكثر صدقا، المخرج راهن أيضا على وجوه جديدة رزان جمال وسماء إبراهيم وأيه سماحة ورشدى الشامى بمفردات جيدة لموسيقى خالد الكمار ومونتاج أحمد حافظ وتصوير شيكو.
الخيال عندما يصطدم بالخيال، هذه هى معضلة مثل هذه الروايات، فهى مكتوبة بروح المراهقة لمرحلة عمرية دون العشرين، وبالطبع من حق من تجاوزوها أن يبحثوا أيضا عن أفكارهم، إنها معركة عميقة بين خيال وخيال، كل من قرأ هذه السلسلة صارت لديه صورة لكل الشخصيات، تغيرت قطعا مع مرور الزمن، وحتما اصطدمت برؤية المخرج فى الحلقات الأولى، وعليه أن يفرض قانونه ورؤيته مع استمرار الحلقات.
د. أحمد خالد توفيق كان يراهن على هؤلاء الذين يشكلون القسط الأكبر من القراء، مرحلة ما قبل العشرين أو تجاوزوها بقليل، وهم بطبعهم متطرفون فى حبهم لأديبنا الكبير لا يتسامحون مع أى نقد يوجه له، رغم أنه فى حياته كثيرا ما تسامح مع هؤلاء الذى كانوا ينشبون أظافرهم الدامية فى عرضه الأدبى!!.