بقلم : طارق الشناوي
السينما فى عمقها حالة طقسية، لها ملامحها الخاصة، أولها التزاحم أمام شباك التذاكر، والتلاحم فى دار العرض، المهرجانات هى عُرس الأفلام، إلا أننا صرنا مقيدين بإجراءات احترازية خانقة، وليس أمامنا سوى الالتزام، البديل فى هذه الحالة هو إلغاء كل الأنشطة الجماعية.
وهكذا جاء مهرجان الإسكندرية مجبرا على أن يصبح وكأنه كتاب بلا غلاف، أقصد بلا حفل افتتاح، تحالفت عليه (كورونا) والتقلبات الجوية، حفل الافتتاح يجب إقامته فى مكان مفتوح على السماء، بينما السماء أرادت الترحيب أكثر مما ينبغى بضيوف المهرجان، فسقطت الأمطار بغزارة، وألغى الحفل.
فى فندق شيراتون المنتزه الذى يستضيف الفعاليات، زادت معدلات الاحتراز كثيرا، بالقياس بمهرجان (الجونة)، وذلك التزاما بتعليمات صارمة من وزارة الصحة.
تضاءل الإقبال على السينما فى العالم كله، هناك حاجز نفسى لا يمكن تجاهله، دار العرض هى أخطر مكان لنقل العدوى، واللجوء إلى سينما السيارات، أو (البلاج) الشاطئ لن يصبح أبدا بديلا عن مكان العرض التقليدى.
ماذا عن المحطة الأولى لصناعة السينما، أعنى الاستوديو؟ عجلة الإنتاج تتحرك بإيقاع بطىء، يتم الآن استكمال تصوير عدد من الأفلام، بينما المشروعات السينمائية الضخمة فى العالم كله ستنتظر ظرفا مواتيا، أكثر من فيلم فى (هوليود) توقف تنفيذه لأجل غير مسمى، الترقب المسيطر على الجميع هو (سيد الموقف).
العالم كله يتحرك وفقا لإيقاع واحد مفروض على كل الدول المستهلكة للأشرطة السينمائية، تشبه نظرية الأوانى المستطرقة يجب أن تحافظ على نفس المنسوب.
سيظل هذا العام مختلفا واستثنائيا فى تاريخ البشرية، مهما توالت عقود من الزمان، ستتم الإشارة إلى 2020 بتفاصيل متعددة، سنجد أكثرها دلالة هو الكمامة، تفننوا فى صناعتها، كل دولة أضافت لها بصمة، وكل مجتمع منحها نكهة ، لن يختفى الاحتراز بسهولة من الحياة حتى لو اختفى الفيروس، سنحتاج جميعا إلى فترة تأهيل أو نقاهة من وسواس كورونا.
دأب العديد من الأفلام الكوميدية فى الماضى على تقديم ملمح ساخر لتلك الشخصيات التى تتوجس خيفة من الجراثيم ومن السلام على الآخرين، الكوميديان الكبير عبد السلام النابلسى ينتشر له على (النت) أكثر من مشهد احترازى، كانت تثير فى الماضى ضحكاتنا، الآن نعتبره سابقا لزمنه، وصرنا جميعا (عبد السلام النابلسى).
أفلامنا القادمة لن تخلو من الإشارة إلى الكمامة، وسنطلق على زماننا (عصر ما بعد الكمامة). الكوميديا هى السلاح الذى سينقلنا إلى مرحلة أخرى، الخوف الذى عشناه سيحتاج إلى أطنان من المطهرات لإزالته من الذاكرة، وليس هناك ما هو أفضل من السينما للقيام بهذا الدور، بعد أن نتمكن من اختراع اللقاح المانع لانتقال الفيروس، سيطلق العالم وبكل اللغات وابلا من الأفلام الكوميدية، لعلها تنجح فى إعادة التوازن لنحو 8 مليارات إنسان عاشوا تحت ويلات هذا الكابوس، فى الصيف رأينا عددا من محال (الآيس كريم» تصنع عبوات على شكل فيروس كورونا التاجى، ولا تستبعد مع الشتاء أن يصبح الطبق المفضل فتة كوارع بصوص كورونا وصلحه!!