بقلم : طارق الشناوي
فى بداية الصعود المدوى لأحمد عدوية، ذهب عبدالحليم حافظ إلى فندق (الشيراتون) للاستماع إليه، لمحه عدوية فوجه إليه التحية، صعد عبدالحليم على (البيست) وغنى (السح الدح أمبوه)، ورد إليه عدوية التحية بأحسن منها، وغنى (خسارة خسارة فراقك يا جارة)، فى زمن ما قبل المحمول كان الإثبات فى مثل هذه الأمور ليس بالسهولة المتاحة حاليًا، كما أن الإنكار كان أسهل بكثير مما يجرى حاليا، عندما تسرب النبأ، سارع عبدالحليم بالتكذيب، وكل شهود الواقعة فى حياة عبدالحليم، بمن فيهم عدوية، امتثلوا للنفى، طبعا بعد رحيل حليم الكل صار يتفاخر بأنه كان شاهد عيان لتلك الرواية.
فى حوار إذاعى للفنانة شريفة فاضل- أمد الله عمرها- أجراه معها سمير صبرى على موجات (محطة الأغانى)، قالت إن الموسيقار محمد عبدالوهاب اتصل بها ليضبط مواعيد ذهابه لملهى (الليل) الذى تملكه شريفة، على فقرة غناء عدوية، عبدالوهاب لم يذكر أبدا فى حياته تلك الواقعة.كل من عبدالحليم وأستاذه عبدالوهاب، لم يتعاليا على محاولة معرفة سر عدوية، وإن كانا لم يملكا الجرأة للإعلان، مؤخرا وبرغم الهجوم الضارى الذى تعرض له مطرب المهرجانات، حسن شاكوش، بعد الأرقام القياسية العالمية التى حققتها (بنت الجيران)، ذهب إليه أحمد حلمى وغنى معه على المحمول (بنت الجيران).
الهجوم الذى ناله شاكوش امتد لهيبه إلى حلمى، والسؤال كيف تجرؤ وأنت نموذج للفنان الملتزم، الذى لم يُضبط يومًا متهمًا بالإسفاف، على مجرد الاقتراب من شاكوش، فما بالكم بالإشادة؟.
الرأى المسبق والسائد والمتعارف عليه أننا لا ندرس الظاهرة، ولا نسأل لماذا ردد الناس تلك الأغنية أو أحجموا عن تلك؟ فلا يمكن التعويل وأنت مطمئن إلى (كليشيه) تردى الذوق العام، هناك فى نفس التوقيت عشرات من الأغانى التى من الممكن وصفها بالركاكة ولا تحقق أى نجاح، علينا أن نبحث عن الشق الاجتماعى والنفسى والاقتصادى والسياسى الذى ساهم فى ذيوع أغانى شاكوش بكل هذا الانتشار، المؤكد أننا لو أمسكنا بالتفاصيل سنقترب من الإجابة. طبقة صوت أداء شاكوش مصنوعة، اختار هذا (التون) والناس تجاوبت، لاحظت فى أحاديثه أنه استطاع تحييد النقابة ونقيب الموسيقيين، هانى شاكر، بينما مثلًا زميله (حمو بيكا) دخل فى معركة مع هانى ولا تزال نيرانها تحرقه، شاكوش يتمتع بذكاء أولاد البلد، وضع هانى فى مكانة الرجل (الكُبارة) شيخ حارة الغناء، كما أنه ردد إحدى أغنياته فى عدد من البرامج، وأظنه لن يتعرض لسلاح المصادرة الذى بات مع الأسف فى السنوات الأخيرة سريع الطلقات.
أزمتنا الحقيقية أن كل مسؤول قرر أن يلعب دور الرقيب، وكل مطرب لا يحقق النجاح يعتقد أنه لو توقف هؤلاء أو امتنعت النقابة عن منحهم التصاريح ستعود إليه جماهيريته المفقودة، والنقابة كالعادة تبدد طاقتها فى مطاردة بعض الأغانى التى لا تروق لها والمطربين الذين لا يجيدون اللعب معهم، بينما واجبها الذى تتجنب القيام به هو تهيئة المناخ لظهور خطوط غنائية موازية، ولا ينفرد شاكوش بالساحة ولا نجد من الأغانى سوى (بنت الجيران)!!.