توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليتها لم تنطق

  مصر اليوم -

ليتها لم تنطق

بقلم : طارق الشناوي

فى عام 1927 نطقت السينما، بينما ظل أحد أهم البنائيين شارلى شابلن حريصًا على صمتها، الشريط السينمائى بالنسبة له رسالة عالمية، واللغة ربما تفقدها أرضا اكتسبتها، بالطبع كانت تكتب على الشاشة بعض تعليقات مختصرة بالإنجليزية، إلا أنك لو حذفت التعليق فلن تفقد قدرتك على تتابع الفيلم.

السينما فى تواصلها مع الجمهور تعتمد على الصورة فقط، والمخرج لديه سلاحان فى التعبير الصامت، الأول ملامح وجه الممثل تنطق المعنى، وهذا يفسر لك ما نراه الآن من مبالغة فى الأداء، بينما وقت صناعة الفيلم كانت تبدو طبيعية، السلاح الثانى الحفاظ على الثراء البصرى الذى يمنح الصورة بالتكوين وبإضاءة الأبيض والأسود قدرة تعبيرية تتجاوز أحيانًا ما نراه الآن على الشاشات.

يجب ملاحظة أن السينما الصامتة هو تصنيف قاصر فلم يلغِ تمامًا الصوت، بل كان شارلى شابلن مثلًا يضع موسيقى تُعزف فى دار العرض مصاحبة للشريط على الشاشة، فتزيد من قدرته على التأثير.

فى الماضى لم تكن تلك هى الوظيفة الأساسية لها، كان الغرض فى البداية أن تعلو على صوت جهاز العرض الصاخب، إلا أن شارلى شابلن استخدم الموسيقى لأسباب إبداعية، وكان يكتب أيضًا موسيقى أفلامه، وعلى مدى بضع سنوات ظل رافضًا الحوار المسموع، والغريب أن تلك الأفلام كانت تُدر أرباحًا أكثر أحيانًا من الناطقة، قطاع من الجمهور كان على العهد حريصًا على متابعتها، إلا أن «شارلى» مع الزمن استجاب لسطوة شركات الإنتاج ودخل مرغمًا عالم السينما الناطقة، بينما ما دأبنا على وصفها بـ«الصامتة» هى عنوان شارلى شابلن الأثير. شكّل هذا الفنان الاستثنائى روح السينما، وحظى بتقدير حتى مع مَن يقفون على الجانب الآخر من إبداعه مثل المخرج السويدى بيرجمان، واكتشفت عند حضورى الاحتفال بمئويته فى مسقط رأسه أنه كان من عشاقه، ومن طقوسه يوم ميلاده أن يحتفل بمشاهدة فيلم شابلن الصامت (السيرك).

لم تمت السينما الصامتة، وبين الحين والآخر نرى فيلمًا يحظى بالجوائز الكبرى مثل (الفنان)، الذى حصد قبل بضع سنوات جائزتى (كان) و(الأوسكار) بسبب بلاغة الصمت.

سر «شابلن» أن أفلامه تنطوى على الضحكة والدمعة معًا، قطعًا هو أيضًا (صنايعى) شاطر، يجيد كل تفاصيل المهنة، (أسطى) فى الكتابة الدرامية والغنائية والإخراج والمونتاج.

قبل نحو 36 ساعة، عشنا مجددًا تلك الأجواء (الشابلانية) فى (الجونة) مع فيلم (الطفل)، تكتشف أن أنور وجدى استفاد منه فى فيلمه الشهير (دهب) بطولة الطفلة المعجزة فيروز، حتى الأغنية الشهيرة (معانا ريال معانا ريال) مقتبسة من فيلم آخر أجنبى، حيث لم يكن العالم وقتها يطبق قانون الملكية الفكرية الدولى، الذى يجرم السرقات الفنية، وكان عدد كبير من المخرجين المصريين قد اتّكأوا على تلك السرقات، والجمهور آخر مَن يعلم.

عرض المهرجان الفيلم بعد مرور قرابة 100 عام، فهو إنتاج عام 1921، حيث تم ترميم النسخة كتراث عالمى للبشرية، وقاد الفرقة الموسيقية المايسترو أحمد الصعيدى، وطوال الأحداث ونحن نستعيد تلك اللمحات، حتى ما نراه فى لحظة بدائيًا نكتشف بقدر من التأمل أنه هو الطزاجة بعينها، قضينا ليلة ممتعة مع «شابلن» للسينما الصامتة، لنهتف ونحن نشاهد قسطًا وافرًا من أفلام هذا الزمن: (ليتها لم تنطق)!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليتها لم تنطق ليتها لم تنطق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon