بقلم : طارق الشناوي
توجد طريقتان لا ثالث لهما لمواجهة الهزيمة التى تواجه النجم، أولا أن يعترف بها ويبدأ فى إعادة التفكير فى كل مواقفه واختياراته، الثانية أن يخلق لنفسه عالما افتراضيا (لا لا لاند)، يعيش فى تلك الجزيرة النائية وكأنه شهريار وحوله الجوارى تتناثر على الميمنة والميسرة.
تتعدد الوسائل التى نخلق بها العالم الوهمى، وتلعب (الميديا) حاليا دورها المؤثر فى تأكيدها، وهكذا تتناثر الأخبار والأحاديث التى يتم بثها، كما تتعدد أيضا (المانشيتات) والأغلفة بغرض واحد، وهو خلق صورة ذهنية تؤكد أن النجم، أو النجمة، لايزال تنهال عليه العروض، وأنه يعترف للرأى العام بكسله فى السنوات الأخيرة، إلا أنه يعدهم بأنه سينفض عن كاهله غبار الكسل، ويضيف أنه معروض عليه ثلاثة أفلام ويتعمد ألا يذكر اسمها، وأنه لايزال حائرا بينها، خاصة أن هناك أيضا خمسة مسلسلات أخرى تطارده للتوقيع عليها، ولن يذكر، كالعادة، الأسماء، حتى لا يجرح الزملاء لو وافقوا عليها.
من الذى يصدق تلك الأكاذيب؟ شركات الإنتاج تعرف الحقيقة، والمخرجون لا يعنيهم ما الذى يقوله الفنان عن نفسه، لأنهم يعرفونه أكثر من نفسه، هل يتوجهون بتلك الأكاذيب للجمهور؟ التأثير سيظل محدودا، الجمهور الذى انفصل عن متابعة هذا النجم، أو تلك النجمة، لن يستعيده بتلك الأخبار (المضروبة).
أغلب ما نقرأه من هذه الحوارات يعلم جيدا الصحفى أو المذيع أن محاوره يكذب، إلا أنه يقول لنفسه لست مسؤولا عن أكاذيبه.
سلاح الإنكار لن يستمر طويلا، مهما تم تناقل الأخبار الفنية الوهمية، البعض لا يكتفى فقط بخبر فنى، ولكن يلجأ لاختراع أخبار عن الحب والزواج والطلاق، المهم أن يظل فى (الكادر)، فنانة بعد أن اختفت عن الشاشات صارت نجمة أغلفة، تصاحبها أخبار أنها أوقفت تصوير ثلاثة أفلام ولا تذكر بالطبع أسماءها، لكى تلحق بمهرجان لا تذكر أيضا اسمه ليتم تكريمها ولا تذكر أيضا (بأمارة إيه)، وفى أحيان أخرى يتم اختراع جمعيات وهمية لتوزيع جوائز وهمية ولا بأس من صورة مع التمثال الوهمى.
أتذكر فنانة كل رصيدها عند الناس هو فقط عدد من الأخبار والصور التى تنشر عنها، تحرص على حضور المهرجانات على نفقتها الخاصة وتلتقط صورة لها لتبدو أنها حقا ضيفة شرف المهرجان.
نتعامل مع هذه الأخبار مثل المسكنات، فهى لا تعالج المرض، تشعر من يتعاطاها بقدر مؤقت من الراحة وبعدها يعود الألم مجددا أشد شراسة.
نجوم (لا لا لاند) يقيمون عالما خاصا يصنعون كل تفاصيله، بينما الواقع حولهم يفرض سطوته وسيطرته وقانونه.
على الفنان التعامل بعقل يقظ مع الخريطة الفنية، مثل لعبة (السلم والثعبان) قد يأتى سلم يصعد به لأعلى نقطة، أو يلدغه ثعبان يخسف به خارج الرقعة، عليه أن يتماسك فى الحالتين، لا يسكره النجاح ولا تقتله الهزيمة، إعادة التفكير واختيار التوقيت للعودة فى اللحظة المناسبة لكى يقتنص اللحظة ويعيد تنظيم أولوياته، لا ينتظر أن تأتيه ضربة حظ بالسلم، يصنع هو السلم، وإلا فإن البديل الوحيد أمامه أن يواصل العيش فى (لا لا لاند)!!