بقلم : طارق الشناوي
البحر يحب الزيادة، والنجوم فى علاقتهم بالجوائز مثل الكثير من البشر، لا يعرفون أبدًا الشبع، قبل ساعات بدأ (ماراثون) الجوائز، وتم قص الشريط، وبرغم تحذيرات (كورونا) تم افتتاح أكبر سوق فى عالمنا العربى، الجميع سيخرجون مجبورى الخاطر (كل برغوت على قد دمه)، الطريق للجوائز مفروش بأصحاب الحظوة الذين يعرفون الشفرة، كثيرًا ما كتبت عن كواليس الجمعيات والمهرجانات وكيف أنهم فى اللحظات الأخيرة يتدخلون؛ حتى سعاد حسنى تعرضت أكثر من مرة للظلم، وفى اللحظات الأخيرة نم تغيير مسار الجائزة، أتذكر فى مطلع التسعينيات أننى ألتقيتها مساء فى بهو فندق شيراتون المنتزه وكانت النتائج تم تسريبها وهنأتها لحصولها على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم (الراعى والنساء)، يومها قالت لى: (مش تستنا شوية يا طارق)، وقرأت فى عينيها شيئًا من التوجس وعلمت عند الإعلان السر، منحوا سعاد جائزة لجنة التحكيم الخاصة، لأن نجمة أخرى طمعت فى جائزة الأفضل. أتذكر أن ميرفت أمين فى فيلم (زوجة رجل معهم ) طلبوا منها أيضا فى مهرجان الإسكندرية أن تذهب بعد ساعتين للمطار للحاق بحفل توزيع الجوائز، إلا أنهم وقبل أن تغادر منزلها عادوا واعتذروا. أحد المنتجين اعترض لأنه أراد لنجمته المفضلة أن تحصد هى جائزة الأفضل، نعم ميرفت مثلت الدور الأهم ولكن تلك النجمة كان معها وقتها المنتج الأكثر أهمية.
أحيانًا يزداد الأمر فجاجة، كنت عضوًا فى لجنة تحكيم لمهرجان الإذاعة والتليفزيون (لجنة السينما) ووقعنا على النتائج، تم التغيير على الهواء، وعندما تصدرت واقعة التزوير، غلاف مجلة (روزاليوسف)، تفتق ذهن المسؤول الكبير عن حيلة أخرى، وهى أن الموظفة المسؤولة عن كتابة الجوائز (تشيل الليلة) معلنًا أنها أخطأت فى الصياغة، كانوا واثقين أنها لن تملك حق الدفاع الشرعى، ومرت عشر سنوات ووجدتها فى لقاء عابر وهى تؤكد لى أنهم قهروها. نجم كبير اشترط على أحد المهرجانات أن يمنحوا أبناءه جائزة مقابل أن يوافق هو على قبول تكريمه فى نهاية المهرجان، وبالفعل تم تنفيذ اللازم.
زاد فى السنوات الأخيرة عدد الجمعيات واللجان التى تشارك فى الفرح السنوى، وأصبح الدور الأهم للممثل ليس إجادة تمثيل دوره فى العمل الفنى، ولكنه تمثيل حالة الدهشة على المسرح أثناء تسلمه الجائزة، حتى نصدق أنه فعلا لم يخطط لها، الناس عادة لا تتذكر اسم الجمعية ولا قيمة الجائزة. تتبقى فقط الصورة التى نشرت بالجرائد وتتناقلها أكثر من قناة فضائية، ومع الزمن سوف ينسى الناس الصورة وينظرون للأصل، ما الذى قدمه الفنان قبل وبعد صورته وهو يحتضن الجائزة؟!.
قال لى كاتبنا الكبير وحيد حامد إنه ألقى فى النيل القسط الأكبر من الجوائز، لأنه شعر أن الجهة التى منحتها له اضطرت (لزوم تحلية البضاعة) أن يأتى اسمه فى المقدمة مثل قطعة السكر لتمرير كل المجاملات، روى لى (الفلاح الفصيح) أن إذاعة الشرق الأوسط فى كل عام كان لديها (كليشيه) ثابت يمنح وحيد جائزة أفضل كاتب سينمائى وأسامة أنور عكاشة أفضل كاتب تليفزيونى، وعمار الشريعى أفضل ملحن، وفى عام 1991 لم يكن وحيد قدم شيئًا يستحق جائزة، بينما داوود عبد السيد يستحق بلا جدال أفضل سيناريو عن (الكيت كات)، فشعر وحيد أنها ذهبت للشخص الخطأ، فتخلص منها، بالطبع وحيد (وحيد)!.