بقلم : طارق الشناوي
الشهرة تمنح من يحظى بها قدرا من الحماية والتسامح، هذا فقط الوجه الأول، أما الثانى، فإنها على العكس تماما تضعه 24 ساعة يوميا تحت طائلة المساءلة، وربما أيضا الاتهام، بل عقابه قبل أن تثبت إدانته، أحيانا تجدها (ريشة) على رأسه تمنحه التميز، وأخرى (بطحة) تجعله دائما تحت مرمى النيران.كثير من الاهتمام يحظى به النجوم، ولهذا أصبحوا يتصدرون الإعلانات، الناس فى العادة تسعى لتقليد المشهور فى كل تفاصيل حياته.
تعامل الناس المشاهير بقدر كبير من الحفاوة، كل ما يصدر عنهم يعتبرونه الأهم، فقط لأنه صادر عنهم، مشاهير الكرة طوال التاريخ يرشحون لبطولة الأفلام، وهم لا يمتلكون سوى اللعب بالأقدام، إلا أن النجومية تساهم فى انتقالهم بسهولة من المستطيل الأخضر إلى مستطيل الشاشة الأبيض.
وهناك تنويعات على نفس (التيمة)، من الممكن أن تجدها فى الاستعانة بالمطربين والمطربات فى بطولة الأفلام والمسلسلات، بداية من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب حتى مطرب (بنت الجيران) حسن شاكوش، استغلال شهرة المطرب هو الدافع الأول لبداية انطلاق المشروع الفنى.
الناس على الجانب الآخر تتباين فى ردود أفعالها، الأغلبية فى العادة ترحب وتسعد بوجودهم، فى الماضى كان الجميع يتباهى بأنه قد حصل على توقيع هذا النجم على (الأوتوجراف)، وذلك قبل إحالته- أقصد الأوتوجراف مع بزوغ الألفية الثالثة- إلى المعاش، بعد أن صار (السيلفى) هو الوسيلة الأسهل لتوثيق اللحظة.
نعم للشهرة بوجهيها الإيجابى والسلبى، فهى بقدر ما تحرم الإنسان من أن يعيش الحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها بدون إزعاج، بقدر ما تُسعده عندما يستشعر حالة البهجة التى تتحقق له وهو يلمس كل هذا الفيض من الحب فى عيون الناس، حتى لو كان فى كل أحاديثه الإعلامية، يكتفى بترديد نغمة البكاء على حريته المفقودة.
الشهرة أيضا من الممكن أن تزيد من قيمة ما يصدر عنهم.. عندما كان عبدالناصر يسخر فى خطاباته من شخصية ما ستلمح أن مساحة الضحك تتفوق على أى فنان كوميدى، وهو ما تكرر أيضا مع أم كلثوم على المسرح، حكى لى الشاعر الغنائى الكبير أحمد شفيق كامل أنه فى أغنية (أمل حياتى) التزم باعتراض كوكب الشرق على شطرة (أنام واصحى على شفايفك)، عندما خافت من (شفايفك) فأحالها إلى (ابتسامتك)، وفى الحفل وهى تعيد (الكوبليه) حظيت على تصفيق أكبر، عندما قالت (شفايفك)، وروى لى الشاعر الغنائى الكبير مأمون الشناوى أنه فى أغنية (كل ليلة وكل يوم) بدأ المقطع (اكتب لى قولى إنت فين لو تقدر)، قالت له أم كلثوم «لا تنس أن بين جمهورى أميين لا يجيدون القراءة والكتابة»، فأحالها إلى (ابعت لى قولى)، وعند الإعادة صارت (اكتب لى)، فازدادت آهات النشوة.
بعد الحفل مباشرة قال لها (مأمون) الجمهور أعجبه الأصل، قالت له الناس اعتقدت أن أنا غيرتها، فصفقوا بحرارة للشاعرة (أم كلثوم)، وهو ما تكرر بالضبط بعدها ببضع سنوات فى حوارها مع أحمد شفيق كامل، إنه فقط الوجه الإيجابى للشهرة!