بقلم : طارق الشناوي
الملابس أحد أسلحة التعبير الاجتماعى والسياسى والاقتصادى والثقافى فى المهرجانات، كما أنها أيضا واحدة من وسائل لفت الانتباه، حتى ما يبدو للوهلة الأولى نشازا، قد يحمل فى عمقه رسالة تقول للجميع (نحن هنا).
المذيعة ابنة الجنوب منى سلمان، كانت موفقة جدا فى أدائها خلال حفل افتتاح مهرجان (الأقصر)، بينما الفستان الذى ارتدته ذكرنى فى تصميمه ولونه ببقايا الحقائب التى يهديها المهرجان لرواده، على الجانب الآخر جاءت رانيا فريد شوقى بثوب مبتكر يحمل صورا لفريد شوقى، والذى يحمل المهرجان اسمه هذه الدورة، فى ظل الاحتفال بمرور 100 عام على ميلاد فريد الفريد، كما وصفته حقا رانيا فى كلمتها التى ألقتها فى الافتتاح، كان فريدا وسيظل هو العنوان الأبرز للسينما العربية وليست فقط المصرية، (أبو البنات) هو الاسم الذى صاحب فريد شوقى، بالإضافة إلى ملك (الترسو والبريمو) و(وحش الشاشة) و(رئيس جمهورية التمثيل)، وها هى أصغر بناته تقف شامخة أمام معبد الكرنك وتتباهى أنها ابنة الملك. إنه النجم الأول عربيا هكذا حظى فريد بنصيب الأسد، فى عدد الأفلام التى احتلت المائة الأفضل فى تاريخنا السينمائى وهى «باب الحديد» و«إسكندرية ليه» يوسف شاهين، «بداية ونهاية» و«السقا مات» و«الفتوة» صلاح أبو سيف، «غزل البنات» أنور وجدى، «الكرنك» على بدرخان وذلك فى الاستفتاء الذى أجراه مهرجان (دبى السينمائى) قبل 7 سنوات.
جمع فريد بين موهبة الممثل وقدرته على تلوين الأداء والذكاء فى الاختيار، والصلح مع الزمن، ولهذا ظل حتى اللحظات الأخيرة له مساحته الدرامية التى لا ينافسه فيها أحد، كما أنه احتفظ بقدرته على الجذب الجماهيرى، لم يكن فريد يخطط لحياته بمنظار فنى فقط، بل كان يضع أيضا الحسبة التجارية كجزء أصيل فى المعادلة، ولهذا كان يحقق لمنتجيه الرصيد الأكبر فى الإيرادات.
شاهد فريد شوقى وقائع موته التى أذاعها التليفزيون واعتبرها فريد ساخرا مجرد بروفة (جنرال)، وتمنينا من كل قلوبنا عند إذاعة الخبر مجددا أن تمتد البروفات، إلا أن الستائر قد أسدلت ولم تعد هناك فرصة لبروفة أخرى!!.
اختار «فريد شوقى» أن يرحل ويخاصم الحياة عندما وجد نفسه غير قادر على أن يقف أمام الكاميرا مرة أخرى، كان «فريد» يعانى من مشاكل فى القلب صاحبته على مدى 30 عامًا ولكنه كان قادرًا على أن يمثل ويضحك ويغنى ويسهر ويعيش.. عندما أصيب فى ساقه قبل عدة أسابيع من رحيله وجد صعوبة شديدة فى الحركة، إلا أنه لم يتوقف عن الحلم، وهكذا كان يعد سيناريو لبطولة جزء ثان لفيلم «جعلونى مجرما»!!.
إنه الامتداد الطبيعى للعملاقين «نجيب الريحانى» و«يوسف وهبى»، أخذ من كل منهما الجانب الخفى المستتر وليس الجانب المعلن المعروف.. تجد من «نجيب الريحانى» الشجن النبيل الذى يغلف أداء ذلك الكوميديان.. ومن «يوسف وهبى» الروح المرحة التى تتستر وراء أداء هذا التراجيديان، مزج فريد بسلاسة بين قمتى الإبداع!!.
منحه النجوم والممثلون لقب الملك الموهوب، ومنحته الجماهير العريضة لقب الملك المحبوب، وها هو يُطل علينا مجددا بعد مائة عام على ميلاده، وبجواره أجداده الفراعنة ليؤكد أن (الملك كان وسيظل هو الملك)!!.