بقلم : طارق الشناوي
تقول الموسوعة (السالمونيلا) جنس من العصيات المعوية سلبية الجرام تؤدى للتسمم الغذائى، لدينا أغنية حملت نفس الاسم لتميم يونس أثارت غضب المجلس القومى للمرأة وطلب مصادرتها من كل مواقع التواصل الاجتماعى، وحققوا بالفعل قدرًا من الاستجابة، حيث تضمن الأمر تحذيرًا قبل عرض الأغنية، المجلس القومى يعيش قطعًا تحت لهيب نيران غضب الناس بسبب زيادة معدلات التحرش، حققنا سبقًا عالميًا فى هذا الشأن، ووجدوا أن تفريغ شحنة الغضب هدف متاح وسهل المنال وسيلقى قطعًا رضا من المجتمع، رغم أن التحرش لا ينتعش بـ(كليب) ولا ينتهى بمصادرته، فقط هم نجحوا فى تفريغ شحنة الغضب بعيدًا عن الهدف، مثلما تحطم كوب أو طبق أو كرسى تشعر بعدها براحة زائفة.
ضربوا (الكليب) قلمين وتبادلوا نخب الانتصار، هل قدموا شيئا حقيقيا فى الدفاع عن حقوق المرأة؟، أكيد (ولا الهوا). شاهدت (الكليب) وهو أشبه بنكتة، من حقك أن تراها سخيفة، ومن حق الآخر ألا يراها كذلك، ثم نقطة ومن أول السطر، المجتمع متعدد الأمزجة، ولكن الظاهرة العامة هى هبوط حاد فى منسوب تقبلنا لروح الدعابة، ومع الأسف، بات يسيطر على (الميديا) بكل تنويعاتها، وامتد أيضا لزملائى فنانى الكاريكاتير، فلم أعد ألمح، إلا فى القليل النادر جدا، مجرد شروع فى ابتسامة مما أتابعه، ربما كان السبب أن المسؤول بات يغضب من أى روح تشى بالتهكم، والمتلقى على الجانب الآخر فقد القدرة على الضحك.
ما رأيكم نعود نحو 65 عاما للخلف دُر، لنرى أين كنا وكيف أصبحنا؟ من أحلى أفلام يوسف شاهين (أنت حبيبى)، ظل شاهين عدة سنوات كارها لهذا الفيلم، تجربته مع بطل ومنتج الفيلم فريد الأطرش لم تكن جيدة، رغم أنها المرة الأولى وربما الأخيرة التى تتأكد فيها تلقائية وخفة ظل فريد أمام الكاميرا، عرض الفيلم بطريق الصدفة خارج الحدود، فى إطار تكريم المخرج، ووجد شاهين أن الجمهور يضحك على المفارقات بين الزوجين الأطرش وشادية، فأحب الفيلم، نتوقف قليلا مع (دويتو) كتبه فتحى قورة (يا سلام على حبى وحبك)، الذى يعبر عن كراهية متبادلة بين زوجين تصل إلى حد تمنى الموت للآخر (وبقول لو ربنا ياخدك/ كنت اعمل إيه يا حياتى/ إن شاالله انت يا حبيبى/ ح اولع فى روحى/ يا قلبى وعنيه/ لأ إوعى يا روحى ده واجب عليه) ويشعل فريد عود كبريت ضخمًا متوعدًا شادية.
لم يتردد وقتها أبدا أن مظاهرات نسائية حاصرت دور العرض، أو وجهت لأحد تهمة ازدراء أو تنمر ضد المرأة.
لديكم أغنية سميرة سعيد (سوبر مان) وبين كلماتها (بقى بارد جدا ودمه تقيل) ولا تكتفى بهذا القدر بل تضيف (طماع وبخيل وبييجى مدروخ فى نص الليل) حققت العام قبل الماضى 5 ملايين مشاهدة، هل تابعتم مثلا أى ملمح لغضب رجالى؟ أبدا، سيبك من طماع وبخيل وركز على (مدروخ) وما تعنيه من ظلال يجرمها القانون، تعامل معها المجلس الأعلى للمرأة بأريحية منقطعة النظير، واعتبرها مجرد نكتة، تأمل النكتة المضادة (سالمونيلا)، ستكتشف أن تميم يونس تناثرت فى (الكليب) الدماء بغزارة حول فمه، أى أنه هو الذى أخذ (العلقة المعتبرة)، ولكن تقول لمين؟!!