بقلم : طارق الشناوي
بلا حفل افتتاح وربما أيضًا بلا حفل ختام، بعد أن تآمرت الأجواء المناخية الصعبة مع شراسة فيروس كورونا لتصبح إقامة تجمعات فى أماكن مفتوحة رهن رضاء النوة، كان قرار إقامة المهرجان تحت كل تلك الضغوط هو الاختيار الذى رأى منظموه أنه لا بديل عنه.
من المفترض، طبقًا للسيناريو الأول، أن تكرم وزيرة الثقافة د. إيناس عبدالدايم، السبت الماضى، النجوم الذين اختارتهم إدارة المهرجان فى الافتتاح، ثم عندما تعذر ذلك صار الختام مساء غد الخميس هو الحل، تحسبًا لمقالب عودنا عليها فى مثل هذه الأيام طقس الإسكندرية، تقرر تنفيذ السيناريو الثانى، وتمت إقامة حفلات التكريم مع الندوة بحضور المخرج عمر عبدالعزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية، ود. خالد عبدالجليل، مدير الرقابة، ومستشار وزيرة الثقافة للسينما، مع الناقد الأمير أباظة، رئيس المهرجان.
فى ندوة عزت العلايلى الذى حملت الدورة رقم 36 اسمه، مع مؤلف كتاب التكريم الكاتب سمير الجمل، ووسط حفاوة الجميع، كان هو أيقونة المهرجان، طلبت الكلمة وقلت إن لدينا نمطين من النجومية، الأول يشكل الأغلبية أطلق عليها (ممنوع اللمس)، والثانى يعبر عن الأقلية اسمه (بالأحضان)، عزت ينتمى للتصنيف الثانى، القطاع الأكبر من النجوم يرتدون أطنانًا من ورق السوليفان، يحول دون الإمساك بهم، بينما العلايلى، منذ زمن بعيد، تخلص من تلك الأوراق الثقيلة متعددة الألوان، فصار ممكنًا ببساطة الإمساك به.
هناك أيضا نوعان من الضوء، الأول يزغلل العين، والثانى يزيد من قدرتك على الرؤية، والعلايلى من تلك الفصيلة الثانية، التى يمنحها الضوء سطوعًا أكثر ورؤية أوضح.
بدأ المشوار بأدوار صغيرة، وكان يعمل فى كل المهن الفنية، إدارة استوديو والإخراج والإنتاج والتأليف، حالة متكاملة، وهكذا يتعامل باحترافية مع الحياة الفنية بكل مفرداتها، وكان هدفًا لكبار المخرجين لقدرته الفائقة على التجسيد، هو مثلاً النجم المشترك بين مخرجين عرفناهما فى زمن متقارب، وبينهما التنافس على أشده، وكل منهما لديه رؤية سينمائية تتناقض مع الآخر، أتحدث عن صلاح أبوسيف ويوسف شاهين، ورغم ذلك التقيا على عزت العلايلى.
الناس تحاسب عادة المخرج على العمل الفنى، إلا أن خصوصية العلايلى فى ضمير الناس تضعه على قائمة من يتحمل المسؤولية، وهو يعمل دائمًا حسابًا للناس، أتذكر قبل عام أو اثنين تلقيت مكالمة منه، وقال لى جاءنى سيناريو عن (ريا وسكينة) والنص يبرئ ساحتهما تمامًا بل يضعهما فى قائمة الأبطال الوطنيين.
سألته: هل هناك وثائق تُثبت ذلك؟ القضية حدثت قبل نحو مائة عام، والإدانة واضحة، أجابنى أنه طلب من المخرج والكاتب أن يرسلا له ما يؤكد الخط الدرامى الذى يشيد بوطنية السفاحتين ويؤكد أن الاستعمار البريطانى تلاعب بأوراق القضية.
وبعد ذلك تواصل معى مجددًا وقال لى قرأت ولم أقتنع، واعتذر عن عدم القيام ببطولة الفيلم لأنه يتحمل المسؤولية الأدبية أمام الناس.
لا يترك عزت الموجة الفنية تحركه، هو الذى يسيطر عليها ويجيد توجيهها كما يريد هو، وليس كما تريد الموجة، العلايلى جوهرة سينمائية وإنسانية، التكريم لا يعنى تتويجًا للرحلة، بل استمرارًا لها، فلايزال الفنان الكبير يحلم بمشروعات قادمة ولانزال نحلم معه.