توقيت القاهرة المحلي 11:49:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معانا ريال... معانا ريال

  مصر اليوم -

معانا ريال معانا ريال

بقلم:طارق الشناوي

أخلت النيابة مؤخراً سبيل أم وأب بكفالة مالية، التهمة ترويع ابنتهما ذات العامين، وتصويرها على «يوتيوب» بغرض التربح، كنت بالطبع منزعجاً لما فعلاه، إلا أنني انزعجت أكثر بسبب قرار النيابة بحبس الأب والأم لأن العقاب الأكبر ستناله الطفلة، عندما تصحو من النوم فلا تجد كما تعودت حضن الأم ولا قبلة الأب.
ما حدث للطفلة «نكتة سخيفة»، وأغلبنا تعرض لشيء مماثل، قبل زمن «النت» كان الرعب مختلفاً، يدفع الأب أو الأم الطفل لأعلى حتى يقترب من السقف ثم يلتقطه قبل أن يصل إلى الأرض والطفل يبكي هلعاً، كما أننا كنا نذهب مع العائلة لما يسمي «بيت الرعب» ونظل نصرخ طوال الرحلة من الخوف، حتى نخرج من الباب الثاني سالمين آمنين ضاحكين.
في كل الأحوال تعهد الأب والأم للنيابة بعدم الإقدام على هذا الفعل مجدداً، وننتظر مع الأيام إغلاق ملف تلك القضية.
بمجرد أن قرأت الخبر تذكرت الطفلة «ياسمين» في الفيلم الذي حمل اسمها، ولعبت دورها فيروز التي كانت تلقب بالمعجزة، وغنت مع أنور وجدي، الدويتو الشهير «معانا ريال... معانا ريال»، أنقذ الفنان الفقير الذي قدم دوره أنور وجدي، تلك الطفلة التي كانت تمارس السرقة، قبل أن تعود إلى أسرتها الثرية، وكانوا قد تخلصوا منها بمجرد ولادتها لأنهم يرفضون إنجاب البنات.
عندما تمثل طفلة في عمل فني يعدّ جريمة، رغم أن مئات من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات قائمة أساساً على الأطفال، مثل سلسلة «وحيد في المنزل»، بطولة ماكولي كولكين، ومجموعة أفلام «هاري بوتر»، ومن أشهر القصص «أوليفر تويست» لتشارلز ديكنز، التي قدمت عشرات المرات في العالم وبمختلف اللغات، وكلها تقع أيضاً تحت طائلة قانون استغلال الأطفال.
عدد كبير من أشهر المطربين غنوا في طفولتهم المبكرة، وتربحت منهم أسرهم مثل أم كلثوم التي كان يصطحبها أبوها الشيخ إبراهيم للقرى والنجوع للغناء، وكانت المكافأة التي تحصل عليها طبق مهلبية ثمنه «مليم»، بينما يحصل هو على الجنيهات.
محمد عبد الوهاب بدأ حياته وهو طفل يغني في الموالد مقابل قروش قليلة، وباسم حركي «محمد البغدادي»، وكان يتلقى الضربات والصفعات المبرحة من شقيقه الكبير حسن عبد الوهاب الذي أراد له أن يُصبح مثله قارئاً للقرآن، وعندما شاهد شاعرنا الكبير أحمد شوقي هذا الطفل في إحدى الحفلات، لجأ للنيابة وتقدم ببلاغ لمنعه، لأنه كان يغني قبل مرحلة البلوغ، وهو ما يؤثر سلباً على أحباله الصوتية.
الغريب أن أحمد شوقي أصبح هو الأب الروحي لمحمد عبد الوهاب، بل ومن أجله قرر أمير شعراء الفصحى، أن ينزل من عليائه، ويكتب له أغاني باللهجة العامية.
ويمر زمن ويشاهد الموسيقار محمد عبد الوهاب في منتصف الأربعينات طفلة موهوبة «نجاة الصغيرة»، وهي تغني، ويكرر الموقف نفسه ويقيم دعوى قضائية لمنعها، وتقرر الدولة رعايتها مادياً، ويسخر منها أشقاؤها قائلين عنها «ابنة الحكومة»، والغريب أن عبد الوهاب كان هو أقرب الملحنين إلى صوتها، ولها النصيب الأكبر من ألحانه.
هل من الممكن أن نستغني عن وجود الأطفال في الأعمال الفنية؟ من المستحيل، إلا أن الأمر بحاجة إلى غطاء قانوني لمنحها مشروعية، وفي الوقت نفسه يحمي الطفل من أي استغلال مقصود أو غير مقصود.
أنا سعيد بالإفراج عن الأب والأم وعودتهما للابنة، وأظن - وليس كل الظن إثماً - أنها غلطة ولن تتكرر!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معانا ريال معانا ريال معانا ريال معانا ريال



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon