بقلم : طارق الشناوي
أنا والنجوم للشاعر الكبير مأمون الشناوى أغنية لم يكملها تبدأ بهذا المقطع (أنافسك في حب نفسك)، كم مرة استمعت إلى تلك الإجابة التي يتناقلها عادة الفنانون باعتبارها الكلمات الصحيحة للأسئلة العويصة؟، السؤال: كيف ترى موقعك بين النجوم وما هو موقعك تحديدًا؟تأتى الإجابة ربنا يوفق الجميع، أنا لم أر مع الأسف الأعمال الأخرى لانشغالى بالتصوير، صدقنى أنا لا أنافس سوى نفسى، ولا أتابع أحدًا سوى نفسى، تعود النقاد أيضًا استخدام تلك العبارة التي صارت أقرب إلى كليشيه (فلان أو فلانة تفوق في هذا الدور على نفسه) هل الفنان يدخل في سباق مع نفسه، مرة يهزم نفسه، ومرات تهزمه نفسه؟!!هناك تنافس مشروع يؤدى إلى ضخ شحنات الإبداع، وآخر قاتل لأنه يُضمر الغيرة المرضية، التي تصل إلى تخوم الحقد، فهى طاقة سلبية تنال ممن أطلقها.
لدىَّ على المقابل العديد من الوقائع عن الغيرة الإيجابية، وكيف أنها ساهمت في زيادة ومضات الإبداع، مثلا في عام 64، غنت أم كلثوم، ولأول مرة بتلحين محمد عبدالوهاب (أنت عمرى)، وبعدها رددت قصيدة أبى فراس الحمدانى التي لحنها رياض السنباطى (أراك عصى الدمع)، شاهد الجمهور بيانو يشارك فرقة أم كلثوم الشرقية التقليدية في عزف (أراك عصى الدمع)، إلا أن النجاح الجماهيرى الضخم كان من نصيب (أنت عمرى)، رغم أن القصيدة من أرق ما لحن السنباطى، هل اتهم السنباطى أم كلثوم بالتحيز أو الدعاية لـ(أنت عمرى) على حساب (أراك عصى الدمع)؟ أبدا، فقط قرر أن يقدم ما هو أروع، وجاء اختياره عام 66 لقصيدة إبراهيم ناجى (الأطلال)، الشعب العربى كله ردد كلماتها وكسرت الدنيا بلغة الأرقام، وتفوقت على (أنت عمرى)، إلى درجة أن السنباطى ألحّ على أم كلثوم أن يخرجا معًا إلى الرأى العام، ليعلنا اعتزال الفن، على اعتبار أن هذه هي نهاية الذروة الغنائية.
قال لى الموسيقار كمال الطويل إنه بعد أن تم اعتماد صوت عبدالحليم بقصيدة صلاح عبدالصبور (بعد عامين التقينا ها هنا) اللحن لم ينجح جماهيريا، سخر المطرب الكبير محمد عبدالمطلب من حليم قائلا (هو ده اللى قالوا ح يقعدنا في بيوتنا!)، بعد أشهر قلائل حقق العندليب نجاحا ساحقا بلحن الموسيقار محمد الموجى (صافينى مرة)، فقرر الطويل أن يقدم لحنًا أكثر جماهيرية فجاء (على قد الشوق) الذي دفع حتى شركات الإنتاج لتقديم فيلم عبدالحليم الأول (لحن الوفاء) والذى حمل في البداية من فرط نجاح الأغنية اسم (على قد الشوق)!!.عندما ينجح مثلا المطرب الشعبى محمد رشدى فيصبح هذا دافعًا إيجابيًا لكى يغير عبدالحليم حافظ المؤشر ويغنى شعبى (على حزب وداد جلبى) و(الوى الوى) و(أنا كل ما أقول التوبة).
المخرج صلاح أبوسيف كان يعترف دائما بأن مخرج الشباك الأول هو حسن الإمام، وأنه يسعى لكى يحقق نجاحا في الشباك موازيا لحسن الإمام الذي حمل لقب (مخرج الروائع).لا أحد ينافس نفسه، الملعب به عشرات من الموهوبين، والشاطر هو الذي يراقب نجاح الآخرين، ينافسهم ويتفوق عليهم، لكنه لا ينافس نفسه في حب نفسه، إلا فقط عندما يحب فيستعيد مطلع أغنية مأمون الشناوى التي لم تكتمل (أنافسك في حب نفسك)!