بقلم : طارق الشناوي
منذ أن عرفنا الجوائز في الفنون، وهناك خط فاصل تعسفى له علاقة بالجنس بين الرجل والمرأة، وتحديدا في مجال التمثيل، جائزة لأفضل ممثل تقابلها جائزة لأفضل ممثلة، رغم أن التمثيل هو التمثيل، فلا توجد مسابقة مثلا لأفضل مؤلف ومؤلفة، أو مخرج ومخرجة، بينما في فن الأداء الدرامى يحرصون على هذا الخط الوهمى.
مهرجان (برلين) امتلك الجرأة مع الدورة القادمة التي تحمل رقم 71 وتعقد 11 فبراير معلنًا نهاية هذا الفصل العنصرى.
يتوقع المراقبون أن يدشن (برلين) 2021 العودة الواقعية للمهرجانات، الاحتمال الأكبر أن تهدأ حالة الهلع (الكورونى) ويتوصل العالم إلى مصل فعال مع نهاية هذا العام، ويتم بعدها تخفيف القسط الأكبر من الإجراءات الاحترازية، التي تحول دون إقامة المهرجانات واقعيا. في فبراير الماضى كان مهرجان (برلين) هو آخر فعالية عالمية كبرى شهدت إقبالا جماهيريا ضخما بدون أن تلمح في الشارع كمامة واحدة، وهكذا ننتظر أن تستعيد عيوننا ملامح البشر وطقوسهم الاجتماعية في كل تفاصيل الحياة وبلا كمامات مع فبراير القادم.
إلغاء الخط الفاصل في جائزة التمثيل هو المنطق الغائب، لأننا بصدد إبداع مطلق يعتمد على الوجدان وليس القوة الجسدية. في المسابقات الرياضية ممكن أن نتحدث عن أفضل سباح وسباحة تبعا للفروق البيولوجية، بينما الإبداع أسقط الخطوط الفاصلة.
مهرجان (برلين) في علاقته بالمرأة كثيرًا ما يعلن حرصه على زيادة نسبة النساء في لجان التحكيم أو في الأفلام المختارة داخل المسابقة الرسمية، وهذا النوع من الانحياز لا أوافق عليه، لا نواجه العنف بعنف مضاد ولا التطرف بتطرف، (الكوتة) مقبولة كمرحلة انتقالية عندما نتناول الشأن السياسى، ولهذا كثيرا ما يتدخل رئيس الجمهورية، بما يملكه من حقوق دستورية، ويزيد من تمثيل المرأة، في المجالس النيابية، ولكن في مجال الإبداع (الكوتة) مرفوضة تماما. حصول المرأة على حقيبة وزارية هو نتاج أحقيتها المطلقة وليس له علاقة بكونها امرأة.
أروع ما في قرار (برلين) أنه بالفعل يحقق المساواة، ومع الزمن لن يصبح هناك مجال للحديث عن أفضل ممثل وأفضل ممثلة، ستسأل فقط عن الأفضل، من الممكن أن تتفوق مثلا في هذا الزمن ميريل استريب في مجال السينما على كل أساطين فن الأداء من الرجال، لأن المقياس هنا مطلق. المنطق سوف ينتصر في نهاية المطاف، وكالعادة يواجه في البداية بقدر من الممانعة. أعتقد أن مهرجانى (كان) و(فينسيا)، سيواصلان بعد قليل ما بدأه (برلين)، ومسابقة مثل (الأوسكار) باعتبارها الأقدم عالميا لا أستبعد أن تقرر ذلك مع جائزتى ممثل الدور الأول والدور المساعد، وهى ما يفرض على مهرجان القاهرة السينمائى أن يدرس الأمر من الآن وبجدية في إمكانية تطبيق ذلك في الدورات القادمة.
أصبح من المعتاد في العالم أن نجد أكثر من وزيرة دفاع وداخلية، وهى مناصب كان من المستبعد قبل عقود من الزمان أن تحلم بها امرأة.
قالها صلاح جاهين (البنت زى الولد)، ومهرجان برلين يسير على الدرب معلنًا نهاية التفرقة بين الطاووس والطاووسة.