توقيت القاهرة المحلي 22:09:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غراب البحر وغراب البر

  مصر اليوم -

غراب البحر وغراب البر

بقلم : طارق الشناوي

يعيش الصيادون فى بلادنا لحظات خوف من غراب ارتبط أيضا بالغوص تحت الماء، عندما يلمح سمكة صغيرة (زريعة) فيبدأ فى التهامها وكلما أشرف على الغرق يطفو لحظات ليحصل على جرعة من الهواء، ليعود بعدها مجددا لاستكمال جريمته، الصيادون يعتبرونه عدوا مبينا لهم فهو يقاسمهم رزقهم، ويغتال حلمهم ببيع الثروة السمكية بأعلى الأسعار.

يتحمل الغراب الكثير من لعنات البشر، فهو أيضا نذير شؤم وموت ودمار، ورؤيته فى المنام كما يقول العلامة (ابن سيرين) تعنى أن تترقب كل الكوارث التى لا قدرة لك على التصدى لها، يكفى أننا نسميه (غراب البين) ونقصد به الموت، نتشاءم حتى من صوته ونصف به أقبح الأصوات، ولا ينافس الغراب إلا رؤية البومة، تلك فقط هى ثقافتنا الشرقية، بينما فى الغرب تجد حظ الغراب مثل كل الطيور لا يعاديها أحد.

الغراب فى الإسلام هو الذى علم قابيل كيف يدفن أخاه هابيل تحت التراب، بعد أن قتل أقرب الناس إليه غيرة وحقدا، فهل ارتباطه بالدفن هو الذى دفعنا لكل تلك الكراهية؟ أم أنه ألهم الإنسان بتنفيذ التعليمات السماوية، لأننا من التراب وإلى التراب نعود، وهى رسالة مقدسة فى الأديان السماوية، كان يجب أن يظل البشر ممتنين بعدها للغراب، نعم فى أديان أخرى مثل الهندوسية يحرق الجسد ثم ينثر الرماد أو يحتفظون به فى قنينة، ولكن ثلاثة أرباع البشر أخذوا الحكمة من الغراب.

فهو فى حياته يبحث مثل أغلب الكائنات الحية فقط عما يضمن له استمرار الحياة، ومن الممكن أن يزيد الأمر قليلا لإطعام صغاره غير القادرين على الطيران أو الغطس تحت الماء، ورغم ذلك نظل ننظر للغراب شزرا، وننسى أن الإنسان أشد خطرا من الغراب حتى على أخيه الإنسان.

الإنسان من الممكن مثلا أن يحتكر بحيرة الأسماك لنفسه ويرجئ الصيد ليس من أجل حرصه على حياة الأسماك، ولكن حتى يضمن زيادة السعر فهو يحيل كل شىء إلى صفقة تجارية لمزيد من الأموال ولا يذرف دمعة واحدة متذكرا العشرة والعيش والملح التى ربطته بالأسماك.

إنه صراع على الحياة يعيشه الإنسان، ولا أحد يفكر فى زميله على كوكب الأرض، حتى فى كارثة (كورونا) شاهدنا الدول الثرية تستأثر باللقاح وتترك الفقراء ليواجهوا بمفردهم مصيرهم، تذكرنا بكارثة السفينة (تيتانيك) 1912، عندما منحوا قوارب النجاة للمسافرين فى الدرجتين الأولى والثانية وتركوا سكان الدرجة الثالثة للموت المحقق.

الغراب لا يفعل أبدا مثل هذه المواقف المخجلة، فهو لا يفرق بين غراب ابن ناس وغراب ابن (البطة السودا) الجميع من حقهم الحياة. القاتل الحقيقى هو الإنسان لأنه الأشد فتكا بكل شىء، بينما الغراب يبحث فقط عن قوت يومه حتى يضمن الحياة، ولم يضبط ولا غراب حتى كتابة هذه السطور يتاجر فى الطعام أو يساوم به غير القادرين على شرائه.

الإنسان يقتل بسكين بارد، لأنه يستطيع أن (يستف) أوراقه أمام جهات التحقيق ويحصل على براءته بل ويصبح أيضا بطلا وصاحب رأى، كم شاهدنا جرائم يفلت مرتكبوها من العقاب بينما الضحايا الضعفاء يدفعون الثمن، القاتل الحقيقى ليس هو الغراب الذى علم الإنسان كيف يدفن أخاه الإنسان، ولكنه الإنسان الذى قتل أخاه الإنسان!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غراب البحر وغراب البر غراب البحر وغراب البر



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon